وهذا معنى أنَّ اللَّه خَلَقَ الخَلْقَ لهذه الكلمة، فمن أجلها خلق اللَّه الخلق، وخلق السموات والأرض، وخلق الجنة والنار.
٣ - ومن أجلها أيضاً أرسل اللَّه الرسل، وأنزل الكتب، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون (٢٥)﴾ [الأنبياء]، وكل نبيٍّ يقول لقومه: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾.
٤ - ومن أَجْلِهَا أيضاً أُمِرَت الرُّسُلُ بالجِهادِ، ويدل لذلك ما جاء في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ: أنَّه قال: «أُمِرتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُم وَأَموَالَهُم إِلَّا بِحَقِّهَا»(١).
فعُلِمَ بذلك أنَّ الدخول في الإسلام عاصمٌ للدَّمِ والمالِ، وكذلك أداءُ الجِزية يَعصِمُ الدمَ والمالَ، كما قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون (٢٩)﴾ [التوبة].
فقول المصنِّف ﵀:(ومَن أَبَاهَا فَمَالُهُ وَدَمُهُ هَدَرٌ) ليس على إطلاقه؛ للآية الكريمة.