للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤلِّف من الحديث الذي أخرجه مسلمٌ: أنَّ النبيَّ سَمِعَ مُؤذِّناً يقولُ: أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّه، فقال: «خَرَجَ من النَّارِ»، ومنها أيضاً أحاديث الشفاعة، وفيها: «أَخرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ قالَ: لا إله إلا اللَّه وفي قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ -أو بُرَّةٍ أو خَردَلَةٍ- من إِيمانٍ» (١)، فهذا بيِّنٌ في أنَّ كلمة التوحيد «لا إله إلا اللَّه» بها أصل النَّجاة من النَّار.

وقوله: (وَهِي تُوجِبُ المَغفِرَةَ) استدلَّ عليه بحديث شداد بن أوس وعبادة بن الصامت ، ولا ريب أنَّ التوحيدَ الذي هو مضمون «لا إله إلا اللَّه» سببٌ لمغفرةِ الشِّرك، فإنَّ مَنْ قال هذه الكلمة العظيمة بصدقٍ وإخلاصٍ فقد تاب من الشرك، فإنَّ التوبةَ سببٌ لمغفرة جميع الذنوب، كما قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم (٥٣)[الزمر]، وهذه الآية في التائبين، كما أن مغفرة الذنوب التي دون الشرك قد تغفر للموحِّد من غير توبة بمشيئة اللَّه، والسبب الأول لذلك هو التوحيد لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء﴾ [النساء: ٤٨ و ١١٦].

وقوله: (وَهِي أَحسَنُ الحَسَنَات) استدل له بحديث أبي ذرٍ المذكور، ويدل عليه أيضاً حديث أبي هريرة في شعب الإيمان: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» (٢)، ويؤيِّد هذا أيضاً ما تقدَّم من أسماء هذه الكلمة العظيمة وفضائلها مما ذكره المؤلِّف .


(١) تقدَّم تخريجه ص ٨٠.
(٢) أخرجه مسلم رقم (٣٥).

<<  <   >  >>