فالمقصود أنَّ مذهب المرجئة يؤدي إلى الاستخفاف بشعائر الدين، كما يؤدي إلى الجرأة على المحرمات من كبائر الذنوب، بل إلى ما هو أكبر منها من الشرك باللَّه؛ كالطواف بالقبور، والذبح للأموات، ودعائهم والاستغاثة بهم، وكذلك أنواع من الكفر الذي تجري على أَلْسُنِ بعض الناس، فالخطر عظيم.
فهذا المذهبُ البدعيُّ جَرَّ إلى هذا الواقع الأليم، ولهذا يذكر أهلُ العلم أن مذهب غلاة المرجئة مبنيٌّ على مقولةٍ باطلةٍ وهي:«لا يضر مع الإيمان -الإيمان الذي هو مجرد التصديق أو مجرد المعرفة كما يقولون- ذنبٌ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة».
ولا شك أن من اعتقد ما دلت عليه هذه المقولة الباطلة فهو كافر؛ لأن النصوص الشرعية قد دلت على أن الذنوب تضر بالإيمان وتؤثر فيه، بل ثمة ذنوب توجب الكفر والخلود في النار لمن مات عليها.
وعلى النقيض من مذهب المرجئة مذهبُ الذين يُكفِّرُون بالذنوب، فالمرجئةُ وهؤلاء على طَرَفي نقيض، والمذهب الحق هو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، فهم على صراط مستقيم بين هؤلاء وهؤلاء.
فأهل السُّنَّة والجماعة وسطٌ في باب أسماء الدِّين والإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة وبين المرجئة، فالوعيدية من الخوارج والمعتزلة يُقَنِّطُون أصحابَ الذنوب، والمرجئة يُؤمِّنُونَهم من عذاب اللَّه، وأما أهل السُّنَّة والجماعة فيقولون في أهل الكبائر التي هي دون الكفر والشرك ما قاله اللَّه تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء﴾ [النساء: ٤٨]، وأما الشرك