للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفي «الصَّحِيحَينِ» عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا مِنْ عَبدٍ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلا دَخَلَ الجنَّةَ»، قُلتُ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ»، قَالَهَا ثَلاثاً، ثُمَّ قَالَ في الرَّابِعَةِ: «عَلَى رَغمِ أَنفِ أَبِي ذَرٍّ» (١)، فَخَرَجَ أَبُو ذَرِّ، وَهُوَ يَقُولُ: وَإِنْ رَغِمَ أَنفُ أَبِي ذَرٍّ (٢).

وَفي «صَحِيحِ مُسلِمٍ» عَنْ عُبَادَةَ [بن الصامت ]؛ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوتِهِ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ شَهِدَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمداً رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ النَّارَ» (٣).

وفي «الصَّحِيحَينِ» عَنْ عُبَادَةَ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ وَرُوحٌ مِنهُ، وَأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، أَدخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ العَمَلِ» (٤).


(١) قوله: «وإن رَغِمَ أَنْفُ أبي ذرٍّ» قال في «النهاية»: «أي: وإنْ ذَلَّ، وقيل: وإن كَرِه».
والرَّغَامُ -بالفتح-: التُّرَابُ، وقولهم: «رَغِمَ أَنْفُه»؛ أَيْ: لَصِقَ بالتُّرَابِ، وهو كناية عن الذُّلِّ والهَوَانِ، وَهُوَ دُعَاءُ سُوءٍ في ظاهره، لكنه من جنس الأدعية التي تُقَالُ ولا يُرَادُ وقوعها، وإنما تقال على عادة العرب في ذلك، كقولهم: «تَرِبَت يَدَاكَ» و «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ» و «عَقْرَى حَلْقَى» ونحو ذلك من أدعيتهم الجارية على ألسنتهم.
ينظر: «النهاية في غريب الأثر» (٢/ ٥٨٧). z
(٢) أخرجه البخاري رقم (٥٤٨٩)، ومسلم رقم (١٥٤).
(٣) أخرجه مسلم رقم (٢٩).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٣٢٥٢)، ومسلم رقم (٢٨) وعنده: «وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ»، و «أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ».
قال النووي في «شرح مسلم» (١/ ٢٢٧) مبيناً مكانة هذا الحديث: «هذا حديثٌ عظيمُ الموقِع، وهو أجمعُ أو من أجمعِ الأحاديثِ المشتملةِ على العقائدِ، فإنَّه جمع فيه ما يُخرِج عن جميع مِلَلِ الكُفْرِ على اختلافِ عقائدِهم وتباعُدِهم، فاختصر في هذه الأحرفِ على ما يُبَايَنُ به جميعُهم».

<<  <   >  >>