قالوا له أنه مغبون في بيعه الجهل بالحلم، لأنهم كانوا معه على الجهل، فقال هو: بل أنا الغابن، ولا أدري أهم على ما أنا عليه أم لا، والمعنى: أطريقهم طريقي أم غيرها؟ فحذف (أم) ومعطوفها كقوله: [الطويل].
(دعاني إليها القلب أني لأمره سميع ... فما أدري أَرشدٌ طِلابُها)
أي: أم غي.
و (خويلد) هو ابن ذؤيب، و (تنكر) تغير، و (الجِذْل) بكسر الجيم، وبالذال المعجمة، أصل الشجرة، الأخفش: العود اليابس، و (المنون) الدهر، لأنه يَمُنُّ قوى الإنسان، أي ينقصها، ويكون بمعنى الموت، لأنه يقطع الحياة، من قوله تعالى {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}، يقول: إن حوادث الدهر أكلت شبابنا قديمًا، وتمتعت به، وأنها تُبلينا وما نبليها، وأنها تُبلي القوم الذين يلبسون لأمة الحرب، ويركبون الخيل التي تراها في يوم الفزع لخفتها في السير وشدة عدوها كأنها حِداء، وهو الطير المعروف، والمفرد حدأة كعنبة وعنب، و (القُبُل) بضم القاف والباء الموحدة، التي في عينها قَبَل بفتحتين، أي حَوَلٌ، وهو إقبال سواد كل من العينين على الآخر، وذلك لتقلب أعينهن من شدة طيرانهن وفزعهن.
والشاهد في البيت الثاني حيث أطلق الأُلى، أولاً على المذكرين، وثانيًا على المؤنثات بدليل ما عاد على كل منهما من ضميره، ولا أدري لِم أورد /٥٧/ الشارح والناظم البيت الأول.