والمسلم لا يقتصر نفعه على البشرية، بل يمتدُّ إلى الحيوان؛ كما في القول المشهور عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:"لو عَثَرت بغلةٌ في العراق؛ لظننتُ أن الله سيسألني عنها: لِمَ لَمْ تُسَوِّ لها الطريق يا عمر"(١).
هذا الشعور هو من آثار الإِيمان بالله واليوم الآخر، والإِحساس بثقل التَّبعة، وعظم الأمانة، الّتي تحملها الإِنسان وأشفقت منها السماوات والأرض والجبال، إذ يعلم أن كلّ كبيرة وصغيرة مسؤول عنها، ومحاسَب بها، ومجازى عليها، إن خيرًا؛ فخير، وان شرًّا؛ فشر:
وأمّا الّذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء؛ فهو يحاول جاهدًا أن يحقِّق مآربه في الحياة الدُّنيا؛ لاهثًا وراء مُتَعها، متكالبًا على جمعها، منَّاعًا للخير أن يصل النَّاس عن طريقه، قد جعل الدُّنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، فهو يقيس الأمور بمنفعته الخاصة، لا يهمه غيره، ولا يلتفت إلى بني جنسه؛ إِلَّا في حدود ما يحقِّق النفع له في هذه
(١) رواه أبو نعيم بلفظ: "لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة؛ لظننت أن الله سائلي عنها يوم القيامة". "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (١/ ٥٣)، طبع دار الكتاب العربي.