للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة القصيرة المحدودة، يتحرَّك وحدوده هي حدود الأرض وحدود لهذا العمر، ومن ثَمَّ يتغير حسابه، وتختلف موازينه، وينتهي إلى نتائج خاطئة (١)؛ لأنّه مستبعدٌ للبعث، {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} [القيامة: ٥ - ٦].

هذا التصوُّر الجاهلي المحدود الضيِّق جعل أهل الجاهلية يسفكون الدماء، وينهبون الأموال، ويقطعون الطريق؛ لأنّهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء؛ كما صوَّر الله حالهم بقوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩)} [الأنعام: ٢٩]، وكما قال قائلهم: "إنّما هي أرحام تدفع، وأرض تبلع".

وتَمُرًّ القرون، ويأتي العجب، فيحدث من الإِنكار أكبر من لهذا، فنرى إنكارًا كليًّا لما وراء المادة المحسوسة؛ كما في الشيوعية الماركسية الملحدة، الّتي لا تؤمن بالله تعالى ولا باليوم الآخر، وتصف الحياة بأنّها (مادة) فقط! وليس وراء المادة المحسوسة شيء آخر؛ فإن زعيمهم (ماركس) الملحد يرى أنّه لا إلهٌ! والحياة مادَّة! ولذلك فهم كالحيوانات؛ لا يدركون معنى الحياة وما خُلِقوا له، بل هم ضائعون تائهون، إن تحقَّق لهم اجتماعٌ؛ ففي ظل الخوف من سطوة القانون.

وتجد هذا الصنف من النَّاس من أشد النَّاس حرصًا على الحياة؛ لأنّهم لا يؤمنون بالبعث بعد الموت؛ كما قال تعالى في وصف المشركين من اليهود وغيرهم: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ


(١) انظر: "اليوم الآخر في ظلال القرآن" (ص ٢٠).

<<  <   >  >>