للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهما من طرق صحاح، وأن الطّبريّ (١) صحَّح هذا الأصل، وعضده بآثار.

ثمّ بيَّن السيوطيّ أن معنى قوله صلّى الله عليه وسلم: "وأنا في آخرها ألفًا"؛ أي: معظم الملة في الألف السابعة؛ ليطابق ما سيأتي أنّه بُعِثَ في أواخر الألف السّادسة، ولو كان بُعِثَ في أول الألف السابعة؛ كانت الأشراط الكبرى كالدجَّال ونزول عيسى -عليه السّلام- وطلوع الشّمس من مغربها؛ وجدت قبل اليوم بأكثر من مئة سنة، لتقوم السّاعة عند تمام الألف، ولم يوجد شيء من ذلك، فدلَّ على أن الباقي من الألف السابعة أكثر من ثلاث مئة سنة (٢).

هذا هو ملخص كلام السيوطيّ رحمه الله، وهو مصادمٌ لصريح القرآن، وللأحاديث الصحيحة؛ من أن مدَّة الدُّنيا لا يعلمها أحدٌ إِلَّا الله تعالى، فإنَّنا لو عرفنا مدَّة الدُّنيا، لَعَلِمنا متى تقوم السّاعة، وقد علمتَ فيما سبق من الآيات القرآنية والأحاديث النبويَّة أن السّاعة لا يعلم وقت قيامها إِلَّا الله تعالى.

وأيضًا؛ فإن الواقع يردُّ ذلك؛ فإننا في بداية القرن الخامس عشر الهجري، ولم يخرج الدجَّال، ولم ينزل عيسى -عليه السّلام-، فإن السيوطيّ ذكر أنّه ورد أن الدَّجَّال يخرج على رأس مئة، وينزل عيسى -عليه السّلام-، فيقتله، ثمّ يمكث في الأرض أربعين سنة، وأن النَّاس يمكثون بعد طلوع الشّمس من مغربها مئة وعشرين سنة، وأن بين النفختين أربعين سنة، فهذه


(١) انظر: "تاريخ الأمم والملوك" لأبي جعفر الطّبريّ، (١/ ٥ - ١٠)، ط. دار الفكر، بيروت.
(٢) "الحاوي" (٢/ ٨٨).

<<  <   >  >>