للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: فقُمْتُ وركعت، فلما رجعنا من الجِنَازة جئتُ المسجد، فبادرت بالتحيَّة، فقيل لي: اجلسْ اجلسْ، ليس هذا وقت صلاةٍ -يعني بعد العَصْر- فانصرفت حزينًا, وقلت للأُستاذ الذي رَبَّاني: دُلَّني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دَحُّون، فقصَدْتُه، وأعلمته بما جرى عليَّ، فدلَّني على "المُوَطَّأ"، فبدأتُ به عليه قِراءةً، ثم تتابعتْ قراءتي عليه وعلى غَيرِه ثلاثةَ أعوام، وبدأتُ بالمناظرة (١).

ثم قال ابنُ العَرَبي: صحِبْتُ ابنَ حَزْم سَبْعَةَ أعوام، وسمِعْتُ منه جميع مُصَنَّفَاته سوى المجلَّد الأخير من كتاب "الفِصَل"، وقرأْنا عليه من كتاب "الإيصال" سَبْعَ مجلّدات (٢) في سنة ستٍّ وخمسين، وهو أربعة وعشرون مجلَّدًا (٣).

وقال أبو مروان بن حَيَّان: كان ابنُ حَزْم حاملَ فنونٍ مِنْ حديثٍ وفِقْه وجَذل ونَسَب وما يتعلَّق بأذيال الأدب، مع المُشَاركة في أنواع التَّعاليم القديمة من المَنْطق والفَلْسَفة، وله كتُبٌ كثيرة لم يَخْلُ فيها من غَلَطٍ لِجُرْأَته في التَّسَوُّر على الفُنون لا سيما المنطق، فإنهم زَعموا أَنَّه زَلّ هنالك، وَضَلّ في سلوك المَسَالك، وخالف أرسطو واضِعَه مخالفةَ مَنْ لم يفهم غَرضَه، ولا ارْتَاضَ، ومال أوَّلًا في النظر إلى الشَّافعي وناضلَ عنه حتى وُسِمَ به، فاسْتُهْدِفَ بذلك لكثير مِن الفقَهاء، وعِيب بالشُّذُوذ،


(١) "معجم الأدباء": ١٢/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(٢) في "معجم الأدباء": ١٢/ ٢٤٢ "أربع مجلدات".
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>