للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويشرع، يَنْسُبُ إلى دينِ الله ما ليس فيه، ويقول عن العُلَماء ما لم يقولوا، تنفيرًا للقلوب عنهم، وخَرَجَ عن طريق المُشَبِّهة في ذات الله وصفاته، فجاء فيه بطوامّ، واتفق كوْنه بين (١) قوم لا بَصَر لهم إلّا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدَّليل كاعوا (٢)، فيتضاحك مع أصحابه منهم، وعَضَدَتْه الرِّياسة بما كان عنده من أَدَبٍ، وبشبَهٍ (٣) كان يوردها على الملوك، فكانوا يحملونه ويحمونه بما كان يلقي إليهم من شُبَه البِدَع والشِّرْك (٤).

ثم أطال ابن العربي في الحَطِّ على ابن حَزْم والظَّاهرية بما فيه نظر، وقد نوقش عليه، والله يحب الإِنصاف (٥).

قلت: وقد طالعت أكثر كتاب "الملل والنِّحَل" (٦) لابن حَزْم فرأَيتُه قد ذكر فيه عجائبَ كثيرة ونقولًا غريبة، وهو يدُلُّ على قوةِ ذكاءِ مؤلِّفِه وكثرةِ اطّلاعه، لكنْ تبيَّنَ لي منه أنه جَهْميٌّ جَلْد، لا يثبت من معاني أسماء الله الحسنى إلّا القليل، كالخالق والحق، وسائر الأسماء عنده لا تدلُّ على معنى أصلًا كالرَّحيم والعليم والقدير ونحوها، بل العِلْمُ عنده


(١) في الأصل: من، وهو وهم. والمثبت من "تذكرة الحفاظ": ٣/ ١١٤٩.
(٢) أي جبنوا. "اللسان" (كيع).
(٣) في "تذكرة الحفاظ": ٣/ ١١٤٩ "ونسبة"، وهو وهم.
(٤) انظر "العواصم من القواصم" ٢/ ٣٣٦ - ٣٣٧ بتحقيق الأستاذ عمار طالبي.
(٥) قال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء": ١٨/ ١٩٠: "لم ينصف القاضي أبو بكر -رحمه الله- شيخ أبيه في العلم، ولا تكلم في بالقسط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد ولا يكاد، فرحمهما الله وغفر لهما".
(٦) هو كتابه "الفِصَل". انظر حاشيتنا رقم (١) ص (٣٤٣) من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>