للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن ابنِ ناصر قال: كان السِّلَفي ببغداد كأنَّه شُعْلة نارٍ في التحصيل.

وقال عبد القادر (١) الرُّهَاوي: كان له عند ملوك مِصْر الجاه والكلمةُ النَّافذة مع مخالفَتِه لهم في المَذْهب، وكان لا يبدو منه جَفْوة لأحد، ويجلس للحديث فلا يشرب ماءً، ولا يَبْزُق، ولا يتورَّك، ولا يبدو له قَدَمٌ، وقد جاوز المئة، بلغني أن سُلْطان مِصْر حضر عنده ليسمع؛ فجعل يتحدث مع أخيه فَزَبَرَهما، وقال: أَيشْ هذا، نحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدثان؛ ! وبلغني أنَّه مُدَّة مُقامه بالإسكندرية ما خَرَج إلى فُرْجة إلا مَرَّة واحدة، وما نكاد ندخُل إلا نراه مُطَالعًا في شيء، وكان حليمًا، ولما دخل الثَّغْر رآه الفُضَلاء والكبراء فاستحسنوا عِلْمه وأخلاقَه وآدابه؛ فأكرموه وخدموه، حدَّثني بعضُ رُفَقَائي عن ابنِ شافع قال: السِّلَفي شَيخُ العُلَماء، وسمِعْتُ بعضَ فضلاء هَمَذَان يقول: السِّلفي أحفظُ الحُفَّاظ.

وقال ابنُ عَسَاكر: سمِعْتُ بقراءة السِّلَفي من جماعة، ولم أظفر بالسَّمَاع منه، تزوَّج بالإسكندرية امرأةً ذات يسَار (٢)، وحَصَلَتْ له ثروةٌ بعد فقْرٍ وتصوُّفٍ، وصارت له بالثغر وجاهة، وبنى له العادل علي بن إسحاق بن السَّلَّار (٣)؛ أمير مصر مدرسة، ووقَفَ عليها.


(١) في "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٣٠١ "عبد القاهر"، وهو تحريف، وستأتي ترجمة عبد القادر الرهاوي برقم (١٠٩٦) من هذا الكتاب.
(٢) في "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٣٠٢ "ذات بستان"، وهو تحريف.
(٣) هو وزير الظافر العبيدي، وقد قتل سنة (٥٤٨) هـ، وكان سنيًّا انظر ترجمته في "وفيات الأعيان": ٣/ ٤١٦ - ٤١٩، وانظر أخباره في "سير أعلام النبلاء": ١٥/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>