وخُذْ أي ترجمتين شئت من الكتابين، وقارن بينهما على ضوء ما قلتُ تَرَ الفرق واضحًا بين المنهجين .. ومن ثَمَّ بين الكتابين.
وتبقى معرفةُ من السابق منهما في التأليف .. رجمًا بالغيب، رغم أن ثمة إشاراتٍ كثيرةً في كتب الذهبي تفيد أنه السابق .. ولكن كيف كانت صورة كتابه الأولى؟ .. وصورته النهائية؟ .. أتداولته الأيدي مُسَوَّدَة؟ أم بيَّضَه؟ عِلْمًا بأنه أضاف إليه ترجمة ابن عبد الهادي نفسه المتوفَّى سنة (٧٤٤ هـ).
أما هل استفاد ابن عبد الهادي من الذهبي في تأليف الكتاب؟ أقول: استفاد ولا أقول: اعتمد، فلا أستبعد هذه الاستفادة، بل أكاد أجزم بها، فمثل ابن عبد الهادي لا يزهد بأي كتاب قد يفيده في إثراء مادته، ومثل الذهبي، وهو إمام المؤرِّخين، لا يمكن أن يُغفل وقد ملأ سمع العالم الإسلامي وبصره بمؤلفاته القيمة كتاريخ الإسلام، وسير أعلام النبلاء، ومختصراته التي اختصرها من أمهات الثقافة الإِسلامية: كالأنساب للسَّمْعاني، وتاريخ بغداد للخطيب، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ مِصْر لابن يونس، وتاريخ نَيسَابور للحاكم، والتكملة لكتاب الصِّلة لابن الأبار .. وغيرهم كثير ..
ولكن .. استفاد ابن عبد الهادي من تاريخ الإسلام خاصة؟ أم من المختصرات؟ أم من تذكرة الحفاظ؟ هنا نعود إلى الرَّجْم بالغيب، ويتسع مجال الافتراض .. وبرأيي أنه اطلع على كتب الذهبي جميعها.
وعندي أن كلًّا منهما قد اطلع على كتاب الآخر، فإذا كان الذهبي سبق في تأليف تذكرة الحفاظ، فمما لا شك فيه أن ابن عبد الهادي ألَّف طبقات علماء الحديث والذَّهبي حي، وعالِمٌ مثل الإمام الذَّهبي وقَفَ