للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقياس، وتميزت طريقتهم في دراسة المدونة السحنونية عن طريقة نظرائهم من فقهاء إفريقية المالكيين، وقد تحدث أبو العباس أحمد المقري عن الطريقتين وسماها بالاصطلاحين، وقال: (أهل العراق جعلوا في مصطلحهم مسائل المدونة كالأساس، وبنوا عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس، ولم يعرجوا على الكتاب بتصحيح الروايات، ومناقشة الألفاظ، ودأبهم القصد إلى إفراد المسائل، وتحرير الدلائل، على رسم الجدليين، وأهل النظر من الأصوليين. وأما الاصطلاح القروي فهو البحث عن ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه بواطن الأبواب، وتصحيح الروايات، وبيان وجود الاحتمالات، والتنبيه على ما في الكلام من اضصراب الجواب، واختلاف المقالات، مع ما انضاف إلى ذلك من تتبع الآثار، وترتيب أساليب الأخبار، وضبط الحروف على حسب ما وقع في السماع، وافق ذلك عوامل الإعراب أو خالفها (١).

ومن فقهاء هذه المدرسة المالكية العراقية من انكب على تدوين مسائل الخلاف المذهبي وعلى مناقشة من خالفهم في المسائل، كما رأينا في لائحة عناوين مؤلفات الأبهري والقاضي البغدادي شيخي الدمشقي، ومنهم من انصرف إلى التأليف في أصول الفقه على مذهبه مثل أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن مجاهد الطائي البصري نزيل بغداد (٢) (-٣٧٠).

وكان لأعلام هذه المدرسة المالكية بالعراق علاقة وطيدة بأعلام المدارس المالكية الأخرى: فهم يتبادلون الإجازات العلمية (٣) والكتب الفقهية ويجرون


(١) أزهار الرياض: ٣/ ٢٢.
(٢) الديباج: ٢/ ٢١٠.
(٣) من ذلك أن ابن أبي زيد القيرواني أجاز لابن مجاهد البغدادي عندما استجازه (الديباج: ٢/ ٢١٠).
واستجاز ابن أبي زيد هذا أبا بكر الأبهري (المدارك ٦/ ٢١٧).

<<  <   >  >>