للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَبْضِ حَتَّى يَكُونَ الْمَالِكُ هُوَ الَّذِي أَقْبَضَهُ إيَّاهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ، فَلَوْ تَوَلَّى الْمُرْتَهِنُ قَبْضَهُ دُونَ إقْبَاضِ مَالِكِهِ وَإِذْنِهِ لِمَ يَكُنْ رَهْنًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الرِّهَانَ بِكَوْنِهَا مَقْبُوضَةٌ، وَلَفْظُ مَقْبُوضَةٍ يَقْتَضِي قَابِضًا وَمَقْبُوضًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَقْبُوضِ مِنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا: وَلَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ صَحَّ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ دُونَ إقْبَاضٍ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ اهـ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) يَعْنِي كَاشْتِرَاطِ حَوْزِهِ وَانْقِسَامِهِ إلَى مَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَمَا يُضْمَنُ، وَمَا لَا يُضْمَنُ، وَمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهِ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ فِيهِ التَّدَاعِي بَيْنَ الْمُتَرَاهِنَيْنِ.

الرَّهْنُ تَوْثِيقٌ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنْ ... وَإِنْ حَوَى قَابِلَ غَيْبَةٍ ضَمِنْ

مَا لَمْ تَقُمْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَهْ ... لِمَا جَرَى فِي شَأْنِهِ مُعَيَّنَهْ

وَإِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَمِينٍ وُقِفَا ... فَلَا ضَمَانَ فِيهِ مَهْمَا تَلِفَا

اشْتَمَلَ الْبَيْتَانِ الْأَوَّلَانِ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى حَدُّ الرَّهْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَالٌ قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ، الثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَكَانَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي كَوْنِ الضَّمَانِ ضَمَانَ تُهْمَةٍ أَوْ ضَمَانَ أَصَالَةٍ.

(وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: قَابِلَ غَيْبَةٍ: أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ؛ فَلَا يَضْمَنُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) . وَاشْتَمَلَ الْبَيْتُ الثَّالِثُ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

وَإِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَمِينٍ وُقِفَا

الْبَيْتَ (ابْنُ يُونُسَ) قَالَ مَالِكٌ: وَمَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ رَهْنٍ غَابَ عَلَيْهِ فَضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>