هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ.
(قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) . هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ اهـ فَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ يُرِيدُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِتَعَدِّي أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ مِنْ الرَّاهِنِ، وَلَهُ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي (ابْنُ الْحَاجِبِ.) وَإِنَّ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ عِنْدَ مُؤْتَمَنٍ فَكَالْأَوَّلِ. (التَّوْضِيحُ) أَيْ فَالضَّمَانُ مِنْ الرَّاهِنِ اهـ وَفَاعِلُ حَوَى لِلْمُرْتَهِنِ وَمَعْنَى حَوَاهُ: ضَمَّهُ وَكَانَ تَحْتَ يَدِهِ. وَقَابِلَ: صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: رَهْنًا قَابِلَ غَيْبَةٍ. وَفَاعِلُ ضَمِنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَمَا ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ، وَضَمِيرُ (لَهُ) لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَضَمِيرُ عَلَيْهِ: لِلرَّهْنِ وَبَيِّنَةٌ فَاعِلُ تَقُمْ وَمُعَيَّنَةٌ: صِفَةٌ لِبَيِّنَةٍ وَلِمَا جَرَى مُتَعَلِّقٌ بِمُعَيَّنَةٍ، وَاسْمُ يَكُنْ: لِلرَّهْنِ، وَجُمْلَةُ وُقِفَا: خَبَرُ يَكُنْ، وَعِنْدَ: يَتَعَلَّقُ بِوَقَفَا.
(فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا غَرِمَ الْمُتَعَدِّي الْقِيمَةَ فَأَحَبُّ مَا فِيهِ إنْ أَتَى الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ مَكَانَ ذَلِكَ الرَّهْنِ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَإِلَّا جُعِلَتْ هَذِهِ الْقِيمَةُ رَهْنًا وَطُبِعَ عَلَيْهَا. قَالَ: وَمَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ رَهْنٍ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ فَالْمُرْتَهِنُ مُصَدَّقٌ فِيهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا زَعَمَ أَنَّهُ هَلَكَ أَوْ عَطِبَ أَوْ أَبَقَ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ، وَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الرَّاهِنِ. (وَفِي الْمُقَرَّبِ) ": وَمَا كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ كُلِّهَا الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا إذَا جُعِلَتْ رَهْنًا عَلَى يَدِ مَنْ ارْتَضَيَاهُ فَهَلَكَ فَهُوَ مِنْ الرَّاهِنِ ".
(قَالَ ابْنُ يُونُسَ) لِبَيَانِ بَرَاءَةِ الْمُرْتَهِنِ: وَلَمْ يَضْمَنْ الْأَمِيرُ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ كَالْمُودَعِ.
(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ اخْتَلَفَا فَدَعَا أَحَدُهُمَا إلَى كَوْنِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَالْآخَرُ إلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ دَعَا إلَى الْعَدْلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرَّهْنِ: التَّوَثُّقُ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِكَوْنِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ تَسْلِيمَهُ إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ لِمَ تَكُنْ عَادَةً كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَا آمَنُكَ عَلَيْهِ. وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: عَلَيَّ فِي قَبْضِهِ مَضَرَّةٌ أَضْمَنُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَأَتَكَلَّفُ حِفْظَهُ إنْ كَانَ حَيَوَانًا.
(قَالَ الشَّارِحُ) : " فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ الرَّهْنُ أَصْلًا مِمَّا لَا يُضْمَنُ وَلَا يُتَكَلَّفُ حِفْظُهُ يُلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ قَبْضُهُ وَإِنْ لِمَ تَكُنْ هُنَاكَ عَادَةً " مَعَ أَنَّ فِي قَوْلِ اللَّخْمِيِّ: " إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ تَسْلِيمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ " بَحْثًا؛ لِأَنَّهُ مَا أَبْدَاهُ مِنْ حُجَّةِ الْمُرْتَهِنِ فِي عَدَمِ قَبْضِهِ وَاضِحَةٌ فَكَيْفَ تُرَدُّ عَلَيْهِ بِعَادَةِ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(وَالْجَوَابُ) - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -: أَنَّهُ إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُسَاكَتَةِ وَلَمْ يُبَيِّنَا عِنْدَ مَنْ يَكُونُ الرَّهْنُ فَيُرْجَعُ لِلْعَادَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالشَّرْطِ وَإِنْ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً، وَذَكَرَ عُذْرَهُ فِي عَدَمِ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ عِنْدَ أَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ دَعَا إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. .
وَالْحَوْزُ مِنْ تَمَامِهِ وَإِنْ حَصَلْ ... وَلَوْ مُعَارًا عِنْدَ رَاهِنٍ بَطَلْ
يَعْنِي أَنَّ الْحَوْزَ مِنْ تَمَامِ الرَّهْنِ وَلَا يَصِحّ إلَّا بِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا عَادَ لِيَدِ رَاهِنِهِ بِأَيِّ وَجْهِ فَرْضٍ بَطَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute