للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الرَّهْنِ حَوْزًا لِلْمُرْتَهِنِ فَأَحْرَى عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ حَوْزًا لِلْمُرْتَهَنِ، وَلِذَلِكَ عُنِيَ النَّاظِمُ بِتَقَدُّمِ الْمُسَاقَاةِ وَغَيْرِهَا عَلَى الرَّهْنِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ خِلَافٍ. وَلَفْظُ الشَّارِحِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ: " وَإِنْ تَقَدَّمَا " هُوَ فِي مَسَاقِ الْغَايَةِ لِلْخِلَافِ الَّذِي فِي كَوْنِ الْعَقْدِ سَابِقًا اهـ.

وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مَا يُرْتَهَنُ ... مِمَّا بِهِ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ يُمْكِنُ

فَخَارِجٌ كَالْخَمْرِ بِاتِّفَاقِ ... وَدَاخِلٌ كَالْعَبْدِ ذِي الْإِبَاقِ

يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ الَّذِي رُهِنَ فِيهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ عَيْنِهِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَكَالْمِثْلِيَّاتِ إذَا اُرْتُهِنَتْ فِي مِثْلِهَا وَطُبِعَ عَلَيْهَا، أَوْ مِنْ قِيمَتِهِ كَرَهْنِ ثَوْبٍ فِي دَرَاهِمَ، أَوْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ كَرَهْنِ حَائِطٍ فِي دَيْنٍ؛ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ ثَمَنِ غَلَّتِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ. وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْإِمْكَانِ لِيَدْخُلَ رَهْنُ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ إذَا ظَفِرَ بِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَا يَجُوزُ بِغَيْرِ عِوَضٍ جَازَ فِيهِ الْغَرَرُ، وَذَلِكَ كَالطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْخُلْعُ؛ وَيَجُوزُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَجُوزُ أَنْ تُخَالِعَهُ بِعَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ، وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ سَلَفٍ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ وَثِيقَةَ رَهْنٍ، وَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ، فَيَجُوزُ فِي الرَّهْنِ الْغَرَرُ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْفَرْ بِذَلِكَ يَكُونُ بَاعَ أَوْ سَلَّفَ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ.

(قَالَ ابْنُ شَاسٍ) : وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ، أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ الدَّيْنُ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ بَعْضُهُ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) " لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَرْتَهِنَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا ".

(قَالَ أَشْهَبُ) : فَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ فُلِّسَ الذِّمِّيُّ هُوَ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصْلِ.

(وَفِي ابْنِ يُونُسَ، وَابْنِ الْمَوَّازِ) " يَجُوزُ ارْتِهَانُ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ إنْ قَبَضَهُ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ فَلَسِهِ " (قَالَ الشَّارِحُ) : وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّيْخِ أَنَّ رَهْنَ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْغَرَرِ كَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ، وَالتَّمْرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ جَائِزٌ فِي الْقَرْضِ وَبَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَأَمَّا جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ وَبَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَقَدْ حَكَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَفِيهِ خِلَافٌ.

حَكَى ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُهُ قَالَ: " وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ".

(وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) الْمَازِرِيُّ فِي رَهْنِ مَا فِيهِ غَرَرٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلرَّهْنِ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَتِمَّةٌ) وَكَمَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي الرَّاهِنِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ (ابْنُ شَاسٍ) " يَصِحُّ الرَّهْنُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ فَلَا يَرْهَنُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَلَا أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ".

وَجَازَ فِي الرَّهْنِ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَهْ ... إلَّا فِي الْأَشْجَار فَكُلٌّ مَنَعَهْ

إلَّا إذَا النَّفْعُ لِعَامٍ عُيِّنَا ... وَالْبَدْءُ لِلصَّلَاحِ قَدْ تَبَيَّنَا

وَفِي الَّذِي الدَّيْنُ بِهِ مِنْ سَلَفِ ... وَفِي الَّتِي وَقْتُ اقْتِضَائِهَا خَفِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>