يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَهَنَ رَهْنًا فِي حَقٍّ إلَى أَجَلٍ مَحْدُودٍ وَجَعَلَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعَ ذَلِكَ الرَّهْنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ، وَكَانَ جَعْلُهُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ الْمُعَامَلَةِ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ الْمَذْكُورِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ إذْنًا ثَانِيًا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ لَهُ بَيْعَهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الْإِذْنِ الْحَاصِلِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ. لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمِينِ ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: " وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ ".
فَقَوْلُهُ " وَبِجَوَازِ ": يَتَعَلَّقُ بِجَرَى، " وَمَحْدُودِ ": صِفَةٌ فِي اللَّفْظِ الْمَحْذُوفِ أَيْ رَهْنٍ مَحْدُودٍ أَجَلُهُ، " وَمِنْ غَيْرِهِ ": يَتَعَلَّقُ بِبَيْعٍ أَيْضًا، " وَجَعْلُ ": مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَعَ جَعْلِ الرَّاهِنِ ذَلِكَ الْبَيْعَ لَهُ أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ، وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَمْ يَحِنْ أَيْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَا قُرِنَ أَيْ الْجُعْلُ الَّذِي هُوَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ بِعُقْدَةِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ، بَلْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ " فَقُرِنْ ": عُطِفَ عَلَى يَحِنْ، " وَبِعُقْدَةِ ": يَتَعَلَّقُ بِقُرِنَ، وَنَائِبُ قُرِنَ يَعُودُ عَلَى الْجُعْلِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ، وَهُوَ الَّذِي فِي ابْنِ سَلْمُونٍ وَلَفْظُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنَّمَا لَا يُغْنِي التَّقْدِيمُ فِي الْبَيْعِ - وَإِنْ جُعِلَ لَهُ ذَلِكَ - دُونَ مَشُورَتِهِ، وَلَا سُلْطَانَ إذَا كَانَ التَّقْدِيمُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ. .
(وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ) : ذَلِكَ جَائِزٌ نَافِذٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَقَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ لَجَازَ الشَّرْطُ وَعَمِلَتْ الْوَكَالَةُ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهَا عَلَى طَوَاعِيَةٍ.
(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ) : " وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّقَدُّمُ وَالرَّهْنُ فِي قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةٍ إذْ قَدْ رَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْمُؤْنَةَ فِي بَيْعِهِ وَمَشُورَةِ الْقَاضِي ". (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ) : " ذَلِكَ جَائِزٌ ". فَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ " إلَى قَوْلِهِ " عَلَى طَوَاعِيَةٍ ". هُوَ مَنْطُوقُ قَوْلِ النَّاظِمِ
مَعَ جَعْلِهِ ذَاكَ لَهُ
الْبَيْتَ. وَقَوْلُهُ: " وَإِنَّمَا لَا يُغْنِي التَّقْدِيمُ فِي الْبَيْعِ " إلَى قَوْلِهِ: " لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ " هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ:
الْبَيْتَ. وَقَوْلُهُ " وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي " هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ " وَإِنَّمَا لَا يُغْنِي التَّقْدِيمُ " وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: يُغْنِي أَيْ يَكْفِي. وَقَوْلُهُ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. إلَخْ " لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ التَّقْدِيمَ عَلَى الْبَيْعِ إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَقَبْلَ حُلُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute