للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونُ الْوَكَالَةُ مُفَوَّضَةً فِي كُلِّ شَيْءٍ إذَا لَمْ يُسَمَّ فِيهَا شَيْءٌ، وَلِهَذَا قَالُوا فِي الْوَكَالَةِ إذَا طَالَتْ قَصُرَتْ وَإِذَا قَصُرَتْ طَالَتْ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ إذَا قَالَ الرَّجُلُ فُلَانٌ وَصِيِّي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ وَصِيًّا لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي مَالِهِ وَبُضْعِ بَنَاتِهِ وَإِنْكَاحِ بَنِيهِ الصِّغَارِ، وَهَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَلَيْسَ يَمْضِي غَيْرُ مَا فِيهِ نَظَرْ ... إلَّا بِنَصٍّ فِي الْعُمُومِ مُعْتَبَرْ

يَعْنِي أَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ مَاضٍ لَا يُرَدُّ إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ غَيْرَ نَظَرٍ وَغَيْرَ سَدَادٍ فَيُرَدُّ، وَلَا يَمْضِي إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْعُمُومِ وَالِاسْتِغْرَاقِ، وَأَنَّ فِعْلَهُ مَاضٍ نَظَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ فَيَمْضِي وَلَوْ كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: طَلَاقِ زَوْجَتِهِ،، وَإِنْكَاحِ أَبْكَارِ بَنَاتِهِ، وَبَيْعِ دَارِ سُكْنَاهُ، وَعِتْقِ عَبْدِهِ، فَلَا يَمْضِي فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَوْ فُوِّضَ لَهُ فِي النَّظَرِ وَغَيْرِهِ. (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) " وَشَرَطَ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِهِ بِالْعَادَةِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ لَهُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ نَظَرًا وَغَيْرَ نَظَرٍ " " وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَأْذَنُ الشَّرْعُ فِي السَّفَهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُمَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ".

(ابْنُ رَاشِدٍ) . وَذَكَرَ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ بَيْعُ دَارِ السُّكْنَى، وَبَيْعُ الْعَبْدِ، وَزَوَاجُ الْبِكْرِ، وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ. إذْ الْعُرْفُ قَاضٍ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ التَّفْوِيضِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيلُ إذَا وَقَعَ النَّصُّ عَلَيْهِ اهـ (الْحَطَّابُ) . فَقَوْله إلَّا الطَّلَاقَ وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ. . إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " وَغَيْرُ نَظَرٍ " وَإِذَا اُسْتُثْنِيَتْ هَذِهِ مَعَ وُجُودِ هَذَا الْقَيْدِ فَأَحْرَى أَنْ تُسْتَثْنَى فِي عَدَمِهِ. ثُمَّ قَالَ الْحَطَّابُ: " وَفَهِمَ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى خِلَافِ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ هَذَا مِثَالٌ لِوَكَالَةِ التَّفْوِيضِ وَلَفْظُ مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَمَعْنَاهُ، فَلَوْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُكَ بِمَا تُعَاطِيهِ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَقَلِيلِ الْأَشْيَاءِ وَكَثِيرِهَا جَازَ فِعْلُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَعَكْسُهُ هُوَ مَعْزُولٌ عَنْهُ بِالْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ افْعَلْ مَا رَأَيْتَ كَانَ نَظَرًا عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ افْعَلْ مَا شِئْتَ وَإِنْ كَانَ سَفَهًا كَمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ " (ثُمَّ قَالَ ح) : وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: " وَيَمْضِي النَّظَرُ أَيْ " مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ لَا التَّبَرُّعَاتِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَذِنْتُ لَك أَنْ تَفْعَلَ جَمِيعَ مَا تَرَاهُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ أَيْ لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَتَمْضِي التَّبَرُّعَاتُ، وَلَا يُقَالُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ: إنَّهَا سَفَهٌ أَوْ فَسَادٌ إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَخَرَجَ عَنْ الْحَدِّ وَلَمْ يَكُنْ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْيَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ، فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَذَا لَهُ تَقْدِيمُ مَنْ يَرَاهُ ... بِمِثْلِهِ أَوْ بَعْضِ مَا اقْتَضَاهُ

وَمَنْ عَلَى مُخَصَّصٍ وُكِّلَ لَمْ ... يُقَدِّمْ إلَّا إنْ بِهِ الْجَعْلُ حَكَمْ

الْإِشَارَةُ إلَى الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ لَهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ إلَيْهِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى مِثْلِ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْمَخْصُوصُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا إنْ جُعِلَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي.

(قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : " وَذَكَرْنَا فِي هَذَا النَّصِّ أَنَّهُ: إنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>