للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُخَاصَمَةِ إلَّا بِهِ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ كَانَ لِخَصْمِهِ أَنْ يَضْطَرَّهُ إلَى التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ هَذَا، هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ، وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ " اهـ. وَهَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ، فَلِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ النَّاظِمُ. وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ خِلَافُهُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَقَدْ نَزَلَتْ فَقَضَى فِيهَا بِأَنْ لَا يُقْبَلَ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَعَ وَكِيلِهِ لِيُقِرَّ بِمَا يُوقَفُ عَلَيْهِ خَصْمُهُ أَوْ يَكُونَ فِي وَقْتِ الْحُكْمِ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي اهـ.

(ابْنُ عَرَفَةَ) وَفِي (نَوَازِلِ أَصْبَغَ) : " وَهِيَ عَلَى الْخِصَامِ فَقَطْ لَا تَشْمَلُ صُلْحًا وَلَا إقْرَارًا وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنْ يَنُصَّ مُوَكِّلُهُ عَلَيْهِ. " (وَفِي التَّوْضِيحِ) " وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ إنْ نَهَاهُ مُوَكِّلُهُ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ فَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخِصَامِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَمْ يَلْزَمْ. " وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لُزُومُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ: إنَّ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ أَنْ لَا يُخَاصِمَ الْوَكِيلَ حَتَّى يَجْعَل لَهُ الْإِقْرَارَ.

(قَالَ فِي الْبَيَانِ) : " وَنَزَلَتْ عِنْدِنَا فَقَضَى فِيهَا بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ مَعَ وَكِيلِهِ فِي وَقْتِ الْحُكْمِ أَوْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ. " (قَالَ فِي الْكَافِي) : وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا. وَزَعَمَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّ تَحْصِيلَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ.

(قَالَ فِي الْكَافِي) : وَهَذَا غَيْرُ الْمُفَوَّضِ. قَالَ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَالَ: مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيَّ فُلَانٌ فَهُوَ لَازِمٌ لِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بِالْأَلْفِ لِفُلَانٍ أَوْ لَا؟ وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ إقْرَارٌ لَهُ وَقَدْ اشْتَمَلَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنَّ نَقْصَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ مِنْ وَكَالَةِ الْخِصَامِ يُوجِبُ رَدَّ الْوَكَالَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ، وَفِي قَوْلِ التَّوْضِيحِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إلَى قَوْلِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ (تَوْكِيلُ الِاخْتِصَامِ) أَنَّ الْوَكَالَةَ الْمُفَوَّضَةَ لَا تُرَدُّ بِعَدَمِ النَّصِّ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ بَلْ إنْ نَصَّ عَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ شَمِلَهُ التَّفْوِيضُ وَصَحَّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَنْ مُوَكِّلِهِ. وَاشْتَمَلَ الْبَيْتُ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ وَكَالَةَ الْخِصَامِ إذَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا الْإِقْرَارُ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَكِيلُ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبِ التَّوْضِيحِ. وَأَمَّا إنْ أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ إلَى قَوْلِهِ (مَا أَقَرَّ بِهِ) وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فَأَحْرَى إنْ نَهَاهُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كَلَامِ التَّوْضِيحِ.

وَمَنْ عَلَى خُصُومَةٍ مُعَيَّنَهْ ... تَوْكِيلُهُ فَالطُّولُ لَنْ يُوَهِّنَهْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وُكِّلَ عَلَى الْخِصَامِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ طَالَ الزَّمَانُ قَبْلَ كَمَالِ تِلْكَ الْخُصُومَةِ سَوَاءٌ ابْتَدَأَهَا ثُمَّ حَصَلَ الطُّولُ أَوْ حَصَلَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا فَإِنَّ لِلْوَكِيلِ تَمَامَ تِلْكَ الْخُصُومَةِ، وَلَا يُوهِنُ تَوْكِيلَهُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>