للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ وَلَا لَهُ هُوَ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ، وَيَنْحَلَّ مِنْ التَّوْكِيلِ لِمَا يَلْحَقُ خَصْمَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ إلَّا لِعُذْرٍ يَحْدُثُ لِلْوَكِيلِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفْرٍ فَيَنْعَزِلَ إذْ ذَاكَ. وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَشَطْرِ الثَّانِي. الثَّانِيَةُ: أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا قَاعَدَ خَصْمَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَيْ فَأَكْثَرَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

وَمِثْلُهُ مُوَكِّلٌ ذَاكَ حَضَرَ

وَسَمَّاهُ مُوَكِّلًا بِالْكَسْرِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ وَهَذَا مَا لَمْ يَرْضَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ فِي الْأُولَى وَبِالتَّوْكِيلِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَهُ ذَلِكَ.

(قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : " وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ الْوَكِيلِ مَا لَمْ يُنَاشِبْ الْخُصُومَةَ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ نَازَعَ خَصْمَهُ وَجَالَسَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ ". قَالَ: " وَفِي الْمَكَانِ الَّذِي لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْ الْخِصَامِ لَا يَكُونُ لَهُ هُوَ أَنْ يَنْحَلَّ عَنْهُ إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ " قَالَ: " وَإِنْ خَاصَمَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَقَاعَدَ خَصْمَهُ أَيْضًا ثَلَاثَ مَجَالِسَ وَانْعَقَدَتْ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَ خَصْمًا يَتَكَلَّمَ عَنْهُ إذَا مَنَعَهُ صَاحِبُهُ مِنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ أَوْ يُرِيدَ سَفَرًا، وَيُعَرِّفُ ذَلِكَ وَلَا يُمْنَعُ الْخَصْمَانِ مِنْ السَّفَرِ، وَلَا مَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ.

(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطَّانُ) : وَيَلْزَمُهُ فِي السَّفَرِ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا اسْتَعْمَلَ السَّفَرَ لِيُوَكِّلَ غَيْرَهُ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُبَحْ لَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ خَصْمُهُ.

(وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْفَخَّارِ) لَا يَمِينَ عَلَيْهِ اهـ.

(وَمَا) نَافِيَةٌ، (وَمَنْ) مَوْصُولَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَى الْوَكِيلِ، وَجُمْلَةُ (حَضَرْ) صِلَةُ مَنْ، (وَانْعِزَالِ) مُبْتَدَأٌ جُرَّ بِمِنْ الزَّائِدَةِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ وَهُوَ (لِمَنْ حَضَرَ) خَبَرُ (انْعِزَالِ) ، مُوَكِّلٌ بِالْكَسْرِ مُبْتَدَأٌ، (وَذَاكَ حَضَرَ) صِفَتُهُ، وَهُوَ الْمُسَوِّغُ، (وَمِثْلُهُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَالْإِشَارَةُ لِمُقَاعَدَةِ الْخَصْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَمَنْ لَهُ مُوَكَّلٌ وَعَزَلَهْ ... لِخَصْمِهِ إنْ شَاءَ أَنْ يُوَكِّلَهْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا ثُمَّ عَزَلَهُ - حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ - فَأَرَادَ خَصْمُهُ أَنْ يُوَكِّلَ ذَلِكَ الْوَكِيلَ الْمَعْزُولَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ عَزَلَهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى خُصُومَتِي وَعَلِمَ كُنْهَ حُجَّتِي فَلَا يَتَوَكَّلُ عَلَيَّ. (قَالَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ) : " مَنْ عَزَلَ وَكِيلَهُ فَأَرَادَ خَصْمُهُ تَوْكِيلَهُ فَأَبَى الْأَوَّلُ وَذَلِكَ لِمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ عَوْرَاتِهِ وَوُجُوهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>