للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفْسَخُ وَلَوْ دَخَلَ فَإِنَّ لَهَا صَدَاقَهَا كَامِلًا إنْ كَانَ نِكَاحَ تَسْمِيَةٍ وَإِنْ كَانَ تَفْوِيضًا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِمْتَاعِ فِي الْبَيْتِ الْوَطْءُ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الصَّدَاقِ كَامِلًا، وَأَمَّا مُقَدِّمَاتُهُ، فَلَا يَجِبُ بِهَا كُلُّ الصَّدَاقِ

وَالْعَقْدَ لِلنِّكَاحِ فِي السِّرِّ اجْتَنِبْ ... وَلَوْ بِالِاسْتِكْتَامِ وَالْفَسْخُ يَجِبْ

يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ مَمْنُوعٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ وَإِنْ كَانَ السِّرُّ فِيهِ بِاسْتِكْتَامِ الشُّهُودِ (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ بِبَيِّنَةٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ أَيَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ قَالَ لَا وَإِنْ كَثُرَتْ الْبَيِّنَةُ وَالنِّكَاحُ بِذَلِكَ مَفْسُوخٌ إذَا كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ، وَأَمْرِ الشُّهُودِ بِكِتْمَانِهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَنِكَاحُ السِّرِّ بَاطِلٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ وَإِنْ أَشْهَدَا فِيهِ وَيُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ طَالَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي دَخَلَ وَلَمْ يُشْهِدْ فِيهِ (التَّوْضِيحُ)

الْمَشْهُورُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ شَاهِدٍ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يَفْسُدُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا أَوْصَى بِالْكِتْمَانِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى الشُّهُودَ بِالْكِتْمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَيُؤْمَرُونَ بِإِشْهَارِهِ أَشْهَبُ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ نَكَحَ عَلَى نِيَّةِ الِاسْتِكْتَامِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلْيُفَارِقْ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا أَرَى أَنْ يَفْسَخَ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا ضَمِيرٌ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَنِيَّتُهُ أَنْ يُفَارِقَ

وَالْبُضْعُ بِالْبُضْعِ هُوَ الشِّغَارُ ... وَعَقْدُهُ لَيْسَ لَهُ قَرَارُ

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) أَصْلُ الشِّغَارِ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ شَغَرَ الْكَلْبُ رِجْلَهُ إذَا رَفَعَهَا لِيَبُولَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِيمَا يُشْبِهُهُ فَقَالُوا شَغَرَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إذَا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ لِلْجِمَاعِ، ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ إذَا كَانَ وَطْئًا بِوَطْءٍ وَفِعْلًا بِفِعْلٍ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلْآخَرِ شَاغِرْنِي أَيْ أَنْكِحْنِي وَلِيَّتَك وَأُنْكِحُك وَلِيَّتِي بِغَيْرِ صَدَاقٍ (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ) قِيلَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ نِكَاحَ الشِّغَارِ لِخُلُوِّهِ عَنْ الصَّدَاقِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلْدَة شَاغِرَةٌ أَيْ خَالِيَةٌ مِنْ أَهْلِهَا وَنِكَاحُ الشِّغَارِ عَلَى وَجْهَيْنِ صَرِيحُ الشَّغْرِ وَوَجْهُ الشِّغَارِ فَصَرِيحُ الشِّغَارِ هُوَ أَنْ لَا يُذْكَرَ فِيهِ صَدَاقٌ كَزَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي فَيَكُونُ صَدَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِضْعَ الْأُخْرَى وَيُفْسَخُ أَبَدًا وَإِنْ دَخَلَ وَطَالَ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ.

وَوَجْهُ الشِّغَارِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُمَاثِلًا لِصَدَاقِ الْأُخْرَى أَوْ مُخَالِفًا كَزَوِّجْنِي أُخْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجُك أُخْتِي بِمِائَةٍ أَوْ بِخَمْسِينَ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِمَّا سُمِّيَ، فَلَا تَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى فَإِنْ سَمَّوْا لِوَاحِدَةٍ دُونَ أُخْرَى كَزَوِّجْنِي أُخْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى حُكْمِهَا فَاَلَّتِي سُمِّيَ لَهَا يُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا يُفْسَخُ أَبَدًا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَنَقَلَ الشَّارِحُ هَذَا الْفِقْهَ عَنْ الْمُقَرِّبِ وَفِيهِ قُلْت فَلَوْ قَالَ زَوِّجْنِي أَمَتَك بِلَا مَهْرٍ وَأُزَوِّجُك أَمَتِي بِلَا مَهْرٍ فَقَالَ مَالِكٌ الشِّغَارُ بَيْنَ الْعَبِيدِ كَالشِّغَارِ بَيْنَ الْأَحْرَارِ يُفْسَخُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ زَوِّجْ عَبْدِي أَمَتَك بِلَا مَهْرٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَ عَبْدَك أَمَتِي بِلَا مَهْرٍ فَهَذَا كُلُّهُ شِغَارٌ لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَ النِّسَاءُ بِهِ اهـ.

فَقَوْلُهُ

وَعَقْدُهُ لَيْسَ لَهُ قَرَارٌ

فِيهِ إجْمَالٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَرِيحًا، فَلَا يُقَرُّ مُطْلَقًا دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَإِنْ كَانَ وَجْهًا، فَلَا قَرَارَ لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُقَرُّ

وَأَجَلُ الْكَالِئِ مَهْمَا أُغْفِلَا ... قَبْلَ الْبِنَاءِ الْفَسْخُ فِيهِ أُعْمِلَا

إذَا كَانَ بَعْضُ الصَّدَاقِ مُؤَخَّرًا وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْكَالِئِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِ تَأْخِيرِهِ فَإِذَا لَمْ يُعَيَّنْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيُضْرَبُ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ بِحَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>