للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْتَ - يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ يَعْنِي مَرَضًا مَخُوفًا فَإِنَّهُ مَتَى مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُهُ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَلَا يَنْقَطِعُ مِيرَاثُهَا مِنْهُ إلَّا إذَا صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً.

(التَّوْضِيحَ) قَوْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ: " إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ مِيرَاثُهَا هِيَ خَاصَّةً " بَيَانٌ لِمَا يُخَالِفُ فِيهِ طَلَاقُ الْمَرِيضِ طَلَاقَ الصَّحِيحِ يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا لَا يَنْقَطِعُ بِذَلِكَ مِيرَاثُهَا مِنْهُ بَلْ تَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا اُتُّهِمَ عَلَى حِرْمَانِهَا مِنْ الْمِيرَاثِ عُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ قَبْلَهُ لَا يَرِثُهَا، وَأُخِذَ عَدَمُ إرْثِهِ مِنْهَا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " خَاصَّةً " وَتَرِثُهُ سَوَاءٌ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَمْ لَا. وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ مَخُوفًا (ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) لَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَ لَهَا الْمِيرَاثَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ إرْثِهَا بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانِ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ أَرَأَيْت إنْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَانَ الْمِيرَاثُ وَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ. وَإِنْ كَانَ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَهَا فَمَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ قَبْلَ أَنْ يَهْلَكَ ثُمَّ هَلَكَ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ، قُلْت وَهَلْ تَرِثُ الْمَرْأَةُ أَزْوَاجًا كُلَّهُمْ يُطَلِّقُونَهَا فِي مَرَضِهِمْ ثُمَّ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَصِحُّوا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.

(قَالَ الشَّارِحُ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَقُولُ: لَمْ يُفَصِّلْ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَوْنَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِد هُنَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ طَلَاقَ الْمَرِيضَ نَافِذٌ وَأَنَّ الْمِيرَاثَ لَازِمٌ سَوَاءٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا. وَقَدْ ذَكَرَ كُلَّ مَسْأَلَةٍ فِي مَحَلِّهَا فَاعْتَمِدْ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ هُنَالِكَ اهـ وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُقَرِّبِ عَلَى فَوَائِدَ، كُلُّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْقَوَاعِدِ.

قَوْلُهُ

مَا لَمْ يَكُنْ بِخُلْعٍ أَوْ تَخْيِيرِ

- الْبَيْتَ - يَعْنِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْمَرَضِ تَرِثُ زَوْجَهَا إذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا تَسَبُّبٌ فِي الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ بَذَلَتْ لَهُ مَالًا حَتَّى طَلَّقَهَا، وَكَمَا لَوْ خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا فَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ، أَوْ كَانَ الْمَرَضُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَلَا تَرِثهُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ إرْثِهَا مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَرَضُ غَيْرَ مَخُوفٍ ظَاهِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

وَأَمَّا عَدَمُ إرْثِهَا مِنْهُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْخُلْعِ وَالتَّخْيِيرِ فَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَعْرُوفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>