للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبٌ فَيَنْظُرُ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا مِنْ مَالِهِ، وَتَعْلِيمِهِ الصَّنْعَةَ، وَتَزْوِيجِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى إنَّ خِتَانَ الْمَحْضُونِ يَكُونُ عِنْدَ أَبِيهِ وَيُرَدُّ إلَى الْأُمِّ، وَالرُّقَاد اخْتَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْأُمِّ. وَأَمَّا زِفَافُ الْأُنْثَى لِدَارِ زَوْجِهَا فَمِنْ عِنْدِ أُمِّهَا قَالَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ النَّاظِمُ

الْحَقُّ لِلْحَاضِنِ فِي الْحَضَانَهْ ... وَحَالُ هَذَا الْقَوْلِ مُسْتَبَانَهْ

لِكَوْنِهِ يُسْقِطُهَا فَتَسْقُطْ ... وَقِيلَ بِالْعَكْسِ فَمَا إنْ تَسْقُطْ

يَعْنِي أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْحَضَانَةِ هَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ؟ وَعَلَيْهِ إذَا أَسْقَطَهَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ إذَا أَسْقَطَهُ يَسْقُطُ قِيلَ إنَّهَا حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَكْسِ وَعَلَيْهِ فَلَا تَسْقُطُ إنْ أَسْقَطَهَا.

وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ " فَمَا إنْ تَسْقُطْ " إنْ زَائِدَةٌ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَهُمَا مَعًا، وَالثَّانِي أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَيْهِ فَلَا تَسْقُطُ أَيْضًا إنْ أَسْقَطَهَا الْحَاضِنُ (التَّوْضِيحُ) عَنْ اللَّخْمِيِّ كُلُّ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَضَانَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ حَنَانًا وَعَطْفًا مَا خَلَا الْأُمَّ فَاخْتُلِفَ هَلْ تُجْبَرُ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهَا، أَوْ لَهُ؟ (ابْنُ مُحْرِزٍ) وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ حَقٌّ سَوَاءٌ بَيْنَ الْحَاضِنَةِ وَالْمَحْضُونِ.

(قَالَ فِي الطُّرَرِ) عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْحَضَانَةِ هَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْأُمِّ، أَوْ لِلْوَلَدِ عَلَى الْأُمِّ؟ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ هُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَقًّا لَهَا جَازَ تَرْكُهَا لَهُ، وَانْتَقَلَ إلَى غَيْرِهَا وَإِذَا كَانَ حَقًّا لِلْوَلَدِ لَزِمَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا تَرْكُهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَالصَّوَابُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُونِ.

(قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ هُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ تَطَّرِدُ فِيهِ الْفُرُوعُ الْوَارِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ فَمَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَوْنُ الْحَاضِنِ لَا تَجِبُ لَهُ أُجْرَةٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْحَضَانَةِ فِي الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَقًّا لَهُ لَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُمْ لَا أُجْرَةَ لِلْحَضَّانَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعْنَاهُ: لَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْحَضَانَةِ، وَأَمَّا خِدْمَتُهَا لِلْمَحْضُونِ كَطَبْخِ طَعَامِهِ، وَطَحْنِ دَقِيقِهِ، وَغَسْلِ ثِيَابِهِ فَإِنَّ لَهَا الْأُجْرَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا زَادَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ قَوْلَهُ " لِأَجْلِهَا " بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْحَاضِنِ فَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهَا لِلْأُجْرَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَمَلٌ سِوَى الْحَضَانَةِ وَحْدَهَا وَهِيَ النَّظَرُ فِي مَصَالِحِ ذَاتِ الْمَحْضُونِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الْحَضَانَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ تَخْدِمُ الْمَحْضُونَ فَلَهَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْأُجْرَةِ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لِلْأُمِّ الْحَاضِنَةِ الْفَقِيرَةِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهَا الْيَتِيمِ.

فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَقَالَ مَالِكٌ: لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَقَالَ مَرَّةً: لَهَا إنْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ أَيْضًا تُنْفِقُ بِقَدْرِ حَضَانَتِهَا إنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ حَاضِنٍ جَعَلَ لَهَا فِي هَذَا الْقَوْلِ الْأُجْرَةَ دُونَ النَّفَقَةِ وَأَرَى إنْ تَأَيَّمَتْ لَأَجْلِهِمْ وَهِيَ الْقَائِمَةُ بِأَمْرِهِمْ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْأُجْرَةِ، لِأَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ أَتَى مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَأَيَّمْ لِأَجْلِهِمْ، أَوْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا يَتَزَوَّجُ، فَلَهَا الْأُجْرَةُ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ نَفَقَتِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَنْ يَخْدُمُهُمْ، أَوْ اسْتَأْجَرَتْ لَهُمْ مَنْ يَخْدُمُهُمْ، وَإِنَّمَا هِيَ نَاظِرَةٌ لَهُمْ فَلَا شَيْءَ لَهَا. اهـ. وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي مَحْضُونٍ لَيْسَ لَهُ إلَّا دَارٌ أَرَادَتْ جَدَّتُهُ لِأُمِّهِ حَضَانَتَهُ وَبَيْعَهَا وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَأَرَادَتْ جَدَّتُهُ لِأَبِيهِ حَضَانَتَهُ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا وَتُبْقِيَ لَهُ دَارِهِ فَقِيلَ: جَدَّةُ الْأُمِّ، أَوْلَى وَقِيلَ جَدَّةُ الْأَبِ، وَهُمَا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ لِلْحَاضِنَةِ أَوْ لِلْمَحْضُونِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا سُئِلَ عَنْهُ أَبُو سَعِيدٍ بْنُ لُبٍّ فِي بِنْتَيْنِ كَانَتَا فِي حَضَانَةِ جَدَّتِهِمَا لِلْأُمِّ فَمَاتَ أَبُوهُمَا وَأَوْصَى بِهِمَا إلَى شَقِيقَتِهِ وَتَحْتَ إشْرَافِ زَوْجِهَا فَالْتَزَمَتْ الْعَمَّةُ نَفَقَتَهُمَا وَكِسْوَتَهُمَا مِنْ مَالِ نَفَسِهَا مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَلَيْهِمَا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهَا الْحَضَانَةُ وَامْتَنَعَتْ الْجَدَّةُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ بَقِيَتَا عِنْدَ الْجَدَّةِ ذَهَبَ مَالُهُمَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّوَابَ نَقْلُ الْحَضَانَةِ إلَى الْعَمَّةِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْبِنْتَيْنِ، وَلَا نَقْصٌ مُرْفَقٌ فِي الْكَفَالَةِ وَالْقِيَامِ بِالْمُؤْنَةِ وَالْخِدْمَةِ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ الْعُظْمَى لِلْبِنْتَيْنِ بِصَوْنِ مَالِهِمَا، ثُمَّ رَجَّحَ ذَلِكَ بِوُجُوهٍ نَقَلَهَا الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ

وَهِيَ إلَى الِاثِّغَارِ فِي الدُّخُولِ

ثُمَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>