للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِافْتِرَاقِ أَحْكَامِهَا هَكَذَا عِبَارَتُهُمْ، وَأَخْصَرُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ ثَمَانِيَةُ عُقُودٍ لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِنْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.

وَقَدْ قُلْت فِي ذَلِكَ تَبَعًا لِغَيْرِي فِي جُلِّ التَّعْبِيرِ مَا نَصُّهُ

عُقُودٌ مَنَعْنَا اثْنَيْنِ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ ... لِكَوْنِ مَعَانِيهَا مَعًا تَتَفَرَّقُ

فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ ... نِكَاحٌ قِرَاضٌ قَرْضُ بَيْعٌ مُحَقَّقُ

وَبَاءُ " بِعُقْدَةِ " ظَرْفِيَّةٌ وَ " قَرْضُ " بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَحُذِفَ الْعَاطِفُ لِلْوَزْنِ " وَمَعًا " بِمَعْنَى جَمِيعًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ

وَأَشْهَبُ الْجَوَازُ عَنْهُ مَاضِ

أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ السِّتِّ، وَاَلَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَقُولَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَفْظُهُ.

وَالصَّرْفُ وَالْبَيْعُ مُمْتَنِعٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَنْعِ جَمْعِ الْبَيْعِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ هُوَ مِنْ زِيَادَةِ هَذَا النَّاظِمِ عَلَى مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إلَّا مَنْعَ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةِ وَالْجُعْلِ، فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ كَمَعَ جُعْلٍ لَا بَيْعٍ، وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ هُنَا الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُمَا بَيْعُ مَنَافِعَ، فَكَمَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ السِّتِّ، كَذَلِكَ يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهَا.

وَيَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْكِرَاءِ، أَوْ الْبَيْعِ مَعَ الْجُعْلِ مَثَلًا، أَمَّا مَنْعُ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةِ مَعَ الْجُعْلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي نَصِّ الشَّيْخِ خَلِيلٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَنَجَسٌ صَفْقَتُهُ مَحْظُورَهْ ... وَرَخَّصُوا فِي الزِّبْلِ لِلضَّرُورَةِ

تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ بَيْعُ مَا هُوَ نَجَسٌ، كَالزِّبْلِ لَكِنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي بَيْعِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ، نَقَلَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْمُقَرِّبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ بَيْعَ رَجِيعِ بَنِي آدَمَ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي الزِّبْلِ شَيْئًا وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. اهـ.

(وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا زُبِلَ بِهِ، أَيْ بِرَجِيعِ بَنِي آدَمَ، وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَهُ وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، قَالَ أَشْهَبُ: أَكْرَهُ بَيْعَ رَجِيعِ بَنِي آدَمَ إلَّا مَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ، وَالْمُبْتَاعُ أَعْذَرُ فِي شِرَائِهِ مِنْ بَائِعِهِ (قَالَ الشَّارِحُ) أَقُولُ: مَسَاقُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ يَقْتَضِي كَرَاهَتَهَا فَلِذَلِكَ عَبَّرَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي بَيْعِ الزِّبْلِ، وَتَبِعَهُمْ الشَّيْخُ اهـ.

(قُلْت) وَمِمَّا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى نَجَاسَتِهِ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِالنَّجَاسَةِ كَالْمُجْتَمِعِ مِنْ الْمَرَاحِيضِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الزِّبْلِ فِي التَّرَخُّصِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ أَحْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَرْعٌ) فِي بَيْعِ مَا ظَهَرَ مِنْ فَضَلَاتِ الْبَهَائِمِ، قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ " قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ بَعْرِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَأَخْثَاءِ الْبَقَرِ " وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُ خُرْءِ الْحَمَامِ وَالدَّجَاجِ غَيْرِ الْمُخَلَّاةِ، وَفِي الْمُخَلَّاةِ نَظَرٌ، صَحَّ مِنْ الشَّارِحِ. وَ " الْمَحْظُورُ " بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ: الْمَمْنُوعُ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْخِيصِ فِي بَيْعِ الزِّبْلِ مِنْ زِيَادَةِ هَذَا النَّاظِمِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>