للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا جَاءَ كُلٌّ مِنْ الْمَبِيعِينَ عَلَى أَصْلِهِ جَازَ كَبَيْعِ جُزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِ حَبٍّ لِمَجِيءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَصْلِهِ، وَإِنْ خَرَجَا مَعًا عَنْ أَصْلِهِمَا، كَجُزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلِ أَرْضٍ، أَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ كَجُزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِ أَرْضٍ، أَوْ جُزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلِ حَبٍّ امْتَنَعَ لِمَجِيءِ مَكِيلِ الْأَرْضِ فِي الْأُولَى، وَجُزَافِ الْحَبِّ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَإِلَى هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا يَجُوزُ " وَجُزَافُ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ، أَوْ أَرْضٌ، وَجُزَافُ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلٍ لَا مَعَ حَبٍّ ".

(قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ) فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ بَعْدَ تَقْدِيرِ كَلَامِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ، وَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ اشْتَمَلَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: ثَلَاثَةٍ مَمْنُوعَةٍ، وَوَاحِدٍ جَائِزٍ، وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ لِابْنِ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ. (تَنْبِيهٌ) مِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْمَوْزُونَ، وَالْمَزْرُوعَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي مَعْنَى الْكَيْلِ، وَقَدْ تَنَازَلَ لِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ جَمَاعَةَ " لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ قِرْبَةَ لَبَنٍ عَلَى أَنْ يَزِنَ زُبْدَهَا، وَإِنَّمَا يَشْتَرِي ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ. اهـ.

كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ (تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّل) قَالَ الْمَوَّاقُ: وَانْظُرْ مَسْأَلَةً تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَهِيَ أَنَّ الْمَرْءَ يَشْتَرِي مِنْ الْعَطَّارِ وَزْنًا مَعْلُومًا مِنْ شَيْءٍ وَيَفْضُلُ لَهُ دِرْهَمٌ فَيَقُولُ لَهُ: أَعْطِنِي بِهِ أَبْزَارًا، وَالْأَبْزَارُ بِالدِّرْهَمِ يَكُونُ جُزَافًا فَهَذَا جَائِزٌ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعُقْدَةِ اهـ.

(الثَّانِي) إنْ جَعَلْنَا مَا مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ " وَمَا عَلَى الْجُزَافِ " وَاقِعَةً عَلَى كُلِّ مَبِيعٍ أَصْلًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ فَيُقَيَّدُ الْمَنْعُ بِمَا إذَا خَرَجَ الْمَبِيعَانِ مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَصْلِهِ، أَمَّا إنْ جَاءَ عَلَى أَصْلِهِ فَالْجَوَازُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا وَاقِعَةً عَلَى الْأُصُولِ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْأُصُولِ بَعْضَهُ جُزَافًا وَبَعْضَهُ مَكِيلًا مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا لِخُرُوجِ الْمَكِيلِ عَنْ أَصْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَآبِرٌ مِنْ زَرْعٍ أَوْ مِنْ شَجَرِ ... لِبَائِعٍ إلَّا بِشَرْطِ الْمُشْتَرِي

وَلَا يَسُوغُ بِاشْتِرَاطِ بَعْضِهِ ... وَإِنْ جَرَى فَلَا غِنًى عَنْ نَقْضِهِ

وَغَيْرُ مَا أُبِرَ لِلْمُبْتَاعِ ... بِنَفْسِ عَقْدِهِ بِلَا نِزَاعِ

وَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لِلْبَائِعِ ... وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بِهِ فِي الْوَاقِعِ

وَفِي الثِّمَارِ عَقْدُهَا الْإِبَارُ ... وَالزَّرْعِ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصَارُ

كَذَا قَلِيبُ الْأَرْضِ لِلْمُبْتَاعِ ... دُونَ اشْتِرَاطِهِ فِي الِابْتِيَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>