للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبَيْعُ لَازِمٌ انْتَهَى.

وَنَقَلَ أَيْضًا قَالَ: قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إذَا بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ وَلَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ أَخْذِ الثَّمَنِ، وَلَا يَضُرُّهُ سُكُوتُهُ، لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَخِيرَ اللَّهَ فِيهِ، وَأُشَاوِرَ نَفْسِي وَغَيْرِي. وَإِذَا بِيعَ عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ، وَسَكَتَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لِلَّذِي لَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ، لِأَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ اهـ

(قَالَ الشَّارِحُ) : وَفِي جَعْلِ ابْنِ زَرْبٍ الْخِيَارَ لِلْغَائِبِ بَعْدَ عِلْمِهِ إلَى السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ إشْكَالٌ، فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى وَإِشْكَالُهُ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ إلَّا إنْ سَكَتَ لِعُذْرٍ

وَحَاضِرٌ لِوَاهِبٍ مِنْ مَالِهِ ... وَلَمْ يُغَيِّرْ مَا رَأَى مِنْ حَالِهِ

الْحُكْمُ مَنْعُهُ الْقِيَامَ بِانْقِضَاءِ ... مَجْلِسِهِ إذْ صَمْتُهُ عَيْنُ الرِّضَا

وَالْعِتْقُ مُطْلَقًا عَلَى السَّوَاءِ ... مَعَ هِبَةٍ وَالْوَطْءُ لِلْإِمَاءِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وُهِبَ مَالُهُ أَوْ تُصَدِّقَ بِهِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ فَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَزِمَهُ ذَلِكَ. وَيُعَدُّ سُكُوتُهُ رِضًا مِنْهُ بِذَلِكَ، وَقِيَامُهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَدَامَةٌ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أُعْتِقَ رَقِيقُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ. كَيْفَ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ لِأَجَلٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَكَتَ فَذَلِكَ وَالْهِبَةُ سَوَاءٌ أَيْ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِ سَمَاعِ قِيَامِهِ وَكَذَلِكَ وَطْءُ إمَائِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ

(قَالَ فِي الْمُفِيدِ) قَالَ مُطَرِّفٌ مِنْ أُحْدِثَ فِي مَالِهِ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْأَحْدَاثِ، فَإِنْ تَرَكَ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ لَا فِيمَا بِيعَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَلَا فِيمَا وُهِبَ، وَلَا فِيمَا أَصْدَقَهُ النِّسَاءَ. انْتَهَى

(قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) : مَا اسْتَظْهَرْتُ بِهِ مِنْ قَوْلِ مُطَرِّفٍ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْعِتْقِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ فِي مَعْنَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الْإِرْفَاقِ إلَّا أَنَّ فِي وَطْءِ الْإِمَاءِ إشْكَالًا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَإِشْكَالُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَهِبَتِهِ، لَيْسَ كَالْإِقْدَامِ عَلَى وَطْءِ مِلْكِ الْغَيْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَعَ ادِّعَاءِ الْوَاطِئِ أَنَّ سَيِّدَهَا وَهَبَهَا لَهُ، أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ فَإِذَا وَطِئَهَا وَسَيِّدُهَا حَاضِرٌ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ، فَذَلِكَ حَوْزٌ يَمْنَعُ قِيَامَ سَيِّدِهَا كَمَنْ حَازَ دَارًا عَلَى حَاضِرٍ عَشْرَ سِنِينَ إلَخْ فَإِنَّ الْحَوْزَ لَا يَنْفَعُ إلَّا مَعَ ادِّعَاءِ الْمِلْكِيَّةِ، وَفِي تَقْسِيمِ الْحَوْزِ ذَكَرُوا وَطْءَ الْإِمَاءِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَقْوَى أَوْجُهِ الْحَوْزِ كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ فِي تَرْجَمَةِ الْحَوْزِ، وَلَعَلَّ النَّاظِمَ سَرَقَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ هُنَا.

وَالزَّوْجَةُ اسْتَفَادَ زَوْجٌ مَالَهَا ... وَسَكَتَتْ عَنْ طَلَبٍ لِمَالِهَا

لَهَا الْقِيَامُ بَعْدُ فِي الْمَنْصُوصِ ... وَالْخُلْفُ فِي السُّكْنَى عَلَى الْخُصُوصِ

كَذَاكَ مَا اسْتَغَلَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ ... مُتِّعَ إنْ مَاتَ كَمِثْلِ مَا سَكَنْ

فِيهِ خِلَافٌ وَاَلَّذِي بِهِ الْعَمَلْ ... فِي الْمَوْتِ أَخْذُهَا كِرَاءَ مَا اسْتَغَلَّ

يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اسْتَفَادَ مَالَ زَوْجَتِهِ فَاسْتَغَلَّ حَائِطَهَا، أَوْ حَرَثَ أَرْضَهَا، أَوْ سَكَنَ دَارَهَا، أَوْ أَكْرَاهَا لِغَيْرِهِ وَقَبَضَ الْكِرَاءَ وَلَمْ يَكُنْ مُمَتَّعًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ قَبَضَ لَهَا دَيْنًا أَوْ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ مِنْ أَمْتِعَتِهَا نَائِبًا عَنْهَا، وَسَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُبُ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، فَالْمَنْصُوصُ فِي الْمَذْهَبِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ لَهَا الْقِيَامَ فِي حَقِّهَا عَلَى الزَّوْجِ فِي حَيَاتِهِ، هَذَا فِي مُطْلَقِ الِاسْتِفَادَةِ. وَاخْتُلِفَ فِي السُّكْنَى بِالْخُصُوصِ، هَلْ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِكِرَاءِ مَا سَكَنَ، أَوْ لَا تَرْجِعُ. وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِيمَا اسْتَغَلَّهُ مِنْ جِنَانِهَا، وَمَاتَ الزَّوْجُ، فَفِيهِ الْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي السُّكْنَى، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، أَنَّهُ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>