للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكَتْبُ يَقْتَضِي عَلَيْهِ الْمُدَّعِي ... مِنْ خَصْمِهِ الْجَوَابَ تَوْقِيفًا دُعِي

الْكَتْبُ مَصْدَرٌ وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ يَعْنِي أَنَّ الْمَكْتُوبَ الَّذِي يَطْلُبُ الْمُدَّعِي مِنْ خَصْمِهِ الْجَوَابَ عَنْهُ؛ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى دَعْوَاهُ وَتَضَمُّنِهِ إيَّاهَا يُدْعَى وَيُسَمَّى عِنْدَ الْمُوَثِّقِينَ بِالتَّوْقِيفِ لِكَوْنِ الطَّالِبِ الَّذِي أَمْلَاهُ عَلَى كِتَابِهِ يُوقِفُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبَ وَيَطْلُبُهُ بِالْجَوَابِ عَنْهُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي، وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَقَالِ أَيْضًا وَالْكَتْبُ مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ يَقْتَضِي بِمَعْنَى يَطْلُبُ صِفَتُهُ وَفَاعِلُ يَقْتَضِي هُوَ الْمُدَّعِي وَمِنْ خَصْمِهِ يَتَعَلَّق بِيَقْتَضِي.

(وَالْجَوَابَ) مَفْعُولُهُ وَعَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِالْجَوَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ وَتَوْقِيفًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِدُعِيَ وَالْأَوَّلُ ضَمِيرُ (الْكَتْبُ) وَجُمْلَةُ (دُعِي) خَبَرُ (الْكَتْبُ) وَالرَّابِطُ لِجُمْلَةِ الصِّفَةِ بِمَوْصُوفِهَا هُوَ ضَمِيرُ عَلَيْهِ وَلِجُمْلَةِ الْخَبَرِ بِالْمُبْتَدَأِ، وَهُوَ نَائِبُ. (دُعِي) الْعَائِدُ عَلَى (الْكَتْبُ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَا يَكُونُ بَيِّنًا إنْ لَمْ يُجِبْ ... عَلَيْهِ فِي الْحِينِ فَالْإِجْبَارُ يَجِبْ

وَكُلُّ مَا افْتَقَرَ لِلتَّأَمُّلِ ... فَالْحُكْمُ نَسْخُهُ وَضَرْبُ الْأَجَلِ

وَطَالِبُ التَّأْخِيرِ فِيمَا سَهُلَا ... لِمَقْصِدٍ يُمْنَعُهُ وَقِيلَ لَا

يَعْنِي أَنَّ الْمَقَالَ الْمُسَمَّى بِالتَّوْقِيفِ إنْ كَانَ سَهْلًا بَيِّنًا لِلتَّأَمُّلِ قَلِيلَ الْفُصُولِ قَرِيبَ الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ يُجْبَرُ عَلَى الْجَوَابِ عَنْهُ فِي الْحِينِ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ، وَإِنْ كَانَ بِعَكْسِ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ الْفُصُولِ وَاخْتِلَافِ الْمَعَانِي وَالِافْتِقَارِ إلَى النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لِلْمَطْلُوبِ بِأَخْذِ نُسْخَةٍ مِنْهُ وَيُؤَجَّلُ فِي جَوَابِهِ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْقَاضِي. (قَالَ الشَّارِحُ) وَذَلِكَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ: وَبِهِ الْعَمَلُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَإِنْ طَلَبَ الْمَطْلُوبُ التَّأْخِيرَ بِالْجَوَابِ فِي الْمَقَالِ الْقَلِيلِ الْفُصُولِ الْقَرِيبِ الْمَعَانِي لِمَقْصِدٍ يُبَيِّنُهُ كَتَوْكِيلِ مَنْ يُجِيبُ عَنْهُ وَمَا أَشْبَهَهُ فَقِيلَ: يُمْنَعُ مِنْهُ وَقِيلَ: لَا يُمْنَعُ قَالَ الشَّارِحُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهُ وَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَلَفْظُ الْإِجْبَارِ يُقْرَأُ بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ لِلسَّاكِنِ قَبْلَهَا، وَجُمْلَةُ يُمْنَعُهُ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ خَبَرُ (طَالِبُ) - وَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ - لِلتَّأْخِيرِ، وَالنَّائِبُ يَعُودُ عَلَى الطَّالِبِ.

(فَرْعٌ) وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَإِذَا دُعِيَ الْخَصْمُ إلَى انْتِسَاخِ وَثِيقَةٍ وَقَفَ عَلَيْهَا لِيَقِفَ عَلَى فُصُولِهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَثِيقَةُ مُخْتَصَرَةً لِلْفَهْمِ لِمَعَانِيهَا، وَيُوقَفُ عَلَيْهَا لِلسَّمَاعِ لَهَا لَمْ يُعْطَ نُسْخَتَهَا فَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً كَثِيرَةَ الْمَعَانِي لَا يُحَاطُ بِفَهْمِ مَعَانِيهَا، وَيَحْتَاجُ إلَى التَّثَبُّتِ فِيهَا أُعْطِيَ نُسْخَتَهَا اهـ. (وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ) وَفِي تَمْكِينِ الْمَطْلُوبِ مِنْ نُسْخَةٍ بِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ كَانَتْ فِيمَا يُشْكِلُ وَيَحْتَاجُ الْمَطْلُوبُ فِيهِ إلَى تَدْبِيرٍ وَتَأَمُّلٍ نَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي طَالِبٍ وَالشَّيْخِ الْمَازِرِيِّ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ سَلْمُونٍ وَمِنْ نَوَازِل الْأَيْمَانِ وَالدَّعَاوَى مِنْ الْمِعْيَارِ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ مُتَخَاصِمَيْنِ طَلَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يُوقِفَهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>