وَكُلُّ مَا الْقَاضِي يَبِيعُ مُطْلَقَا ... بَيْعُ الْبَرَاءَةِ بِهِ تَحَقَّقَا
وَالْخُلْفُ فِيمَا بَاعَهُ الْوَصِيُّ ... أَوْ وَارِثٌ وَمَنْعُهُ مَرْضِيُّ
إلَّا بِمَا الْبَيْعُ بِهِ يَكُونُ ... بِرَسْمِ أَنْ تُقْضَى بِهِ الدُّيُونُ
يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مُفْلِسٍ، أَوْ صَغِيرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ أَيْ لَا قِيَامَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ إنْ وَجَدَهُ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا بَاعَهُ الْوَصِيُّ وَالْوَارِثُ هَلْ هُوَ بَيْعُ بَرَاءَةٍ فَلَا يُرَدُّ بِعَيْبٍ أَوْ لَا فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ، وَمَنْعُ كَوْنِ بَيْعِهَا بَيْعَ بَرَاءَةٍ هُوَ الْقَوْلُ الْمُرْضِي. قَالَ الشَّارِحُ: يَعْنِي بِهِ الْقَوْلَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ انْتَهَى. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ أَوْ لَا إنَّمَا هُوَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِقَضَاءِ دَيْنٍ نَحْوَهُ كَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ أَمَّا مَا كَانَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ هَذَا ظَاهِرُ النَّظْمِ وَفِي الشَّارِحِ أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ كَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ
كَذَلِكَ الْبَيْعُ الَّذِي يَكُونُ
.. إلَخْ
(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَأَمَّا مَا بَاعَهُ السُّلْطَانُ عَلَى مُفْلِسٍ، أَوْ فِي مَغْنَمٍ، أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ وَرَثَةٍ أَوْ عَلَى صَغِيرٍ فَهُوَ بَيْعُ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطُ، وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ رَدٌّ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَلَا فِي ذَلِكَ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَلَا سَنَةٍ. وَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ: (الْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ) : وَثَبَتَ مَالِكٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ قَالَ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْبَرَاءَةِ. ثُمَّ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ، فَهَلْ يَكُونُ بَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْ فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً؟ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ رَوَاهَا ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي اعْتَمَدَ الشَّيْخُ. وَفِي الْمُفِيدِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي بَيْعِ الْمِيرَاثِ فَقَالَ مَرَّةً: هُوَ بَيْعُ بَرَاءَةٍ. وَقَالَ مَرَّةً: لَا يَكُونُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ.
(وَفِي الْجَوَاهِرِ) قَالَ الْإِمَامُ: وَأَمَّا بَيْعُ الْوَرَثَةِ لِقَضَاءِ دُيُونٍ، وَتَنْفِيذِ وَصَايَا، فَإِنَّ فِيهِ الْخِلَافَ الْمَشْهُورَ قَالَ: فَاقْتَصَرَ مَرَّةً عَلَى ثُبُوتِ الْبَرَاءَةِ فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ خَاصَّةً، وَأَضَافَ إلَى ذَلِكَ مَرَّةً بَيْعَ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَمُرَادُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَاعُوهُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ إنْفَاذِ وَصِيَّةٍ. (قَالَ ابْنُ شَاسٍ) : وَإِنَّمَا حُمِلَ بَيْعُ الْوَرَثَةِ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ لِإِنْقَاذِ وَصِيَّةٍ عَلَى بَيْعِ الْبَرَاءَةِ لِكَوْنِ الدُّيُونِ كَالْوَصَايَا يَجِبُ إنْفَاذُهَا، وَمِنْ حَقِّ أَهْلِهَا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُمْ حُقُوقُهُمْ إذَا طَلَبُوهَا وَالسُّلْطَانُ وَالْوَصِيُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute