بَيْعُهُ بَلْ يُرَدُّ، وَعَلَى رَدِّهِ فَلَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْغَلَّةَ لِلشُّبْهَةِ بِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَالْوَصِيِّ
وَمَا اشْتَرَى الْمَرِيضُ أَوْ مَا بَاعَا ... إنْ هُوَ مَاتَ يَأْبَى الِامْتِنَاعَ
فَإِنْ يَكُنْ حَابَى بِهِ فَالْأَجْنَبِي ... مِنْ ثُلْثِهِ يَأْخُذُ مَا بِهِ حُبِيَ
وَمَا بِهِ الْوَارِثُ حَابَى مُنِعَا ... وَإِنْ يُجِزْهُ الْوَارِثُونَ اُتُّبِعَا
مَا ذُكِرَ هُنَا وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ هُوَ مِنْ زِيَادَاتِ هَذَا النَّظْمِ عَلَى مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إلَّا بَيْعَ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ وَالْمَجْنُونِ وَمَنْ مَعَهُ وَالْأَعْمَى. وَالْمُحَابَاةُ مُفَاعَلَةٌ مِنْ حَابَى إذَا أَعْطَى. وَيُطْلِقُهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ بِكَثِيرٍ قَصْدًا لِنَفْعِ الْمُشْتَرِي، وَعَلَى الشِّرَاءِ بِأَكْثَرَ كَذَلِكَ قَصْدًا لِنَفْعِ الْبَائِعِ، فَمَا نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ فِي الْبَيْعِ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا فِي الشِّرَاءِ عَطِيَّةٌ وَهِبَةٌ مِنْ الْمَرِيضِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِقَصْدِ نَفْعِ مَنْ ذُكِرَ بَلْ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ فَهُوَ الْغَبْنُ الْآتِي لِلنَّاظِمِ، أَمَّا التَّوْلِيجُ فَهُوَ الْهِبَةُ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ لِإِسْقَاطِ كُلْفَةِ الْحَوْزِ فِي الْبَيْعِ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ فِي الْهِبَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. هَذَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الِاسْتِعْمَالِ إنْ كَانَ بَعْضُهَا يُطْلَقُ عَلَى بَعْضٍ لِتَقَارُبِ مَعَانِيهَا. وَيَعْنِي النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى فِي حَالَ مَرَضِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَاضٍ نَافِذٌ وَلَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ لَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ.
وَإِلَى نُفُوذِ بَيْعِهِ وَإِمْضَائِهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: يَأْبَى الِامْتِنَاعُ أَيْ لَا يَقْبَلُ الِامْتِنَاعَ، وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْهُ فَهُوَ مَاضٍ، وَذَلِكَ الْمُرَادُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مُحَابَاةٌ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ كَانَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا مَحْضَ هِبَةٍ فِي الْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ رُدَّ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ كَانَ لِوَارِثٍ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِنْ رَدُّوهُ رُدَّ
(قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) : وَبَيْعُ الْمَرِيضِ وَابْتِيَاعُهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُحَابِ، فَإِنْ حَابَى وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ فَمُحَابَاةٌ فِي ثُلُثِهِ، إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ مِنْهَا، وَيَرْجِعُ مَا لَمْ يَحْمِلْ مِنْهَا مِيرَاثًا، وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ يَرِثُهُ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الْمُحَابَاةِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ اهـ. مِنْ الشَّارِحِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَيُوقَفُ كُلُّ تَبَرُّعٍ، فَإِنْ مَاتَ فَمِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ صَحَّ كَالْإِنْشَاءِ
(التَّوْضِيحُ) كُلُّ تَبَرُّعٍ أَيْ عِتْقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. وَظَاهِرُهُ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ أَمْ لَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ فِي الْمَأْمُونِ أَنَّهُ يَنْفُذُ مَا بَتَلَ مِنْ عِتْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فِي الْمَرَضِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ: وَلَيْسَ الْمَالُ الْمَأْمُونُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالنَّخْلِ وَالْعَقَارِ فَإِنْ مَاتَ أَيْ بَعْدُ، فَتَبَرُّعُهُ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصَايَا، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَكَالْإِنْشَاءِ فِي الصِّحَّةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنْشَأَ ذَلِكَ التَّبَرُّعَ فِي الصِّحَّةِ فَيَلْزَمُهُ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ أَوْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَجْنَبِيٍّ، فَهَلْ إجَازَتُهُمْ تَقْرِيرٌ لِمَا فَعَلَ الْمُوصِي؛ فَلَا تَفْتَقِرُ لِحَوْزٍ، أَوْ ذَلِكَ إنْشَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْ الْوَارِثِ فَتَفْتَقِرُ لِلْحَوْزِ فَإِنْ مَاتَ الْوَارِثُ قَبْلَ حَوْزِهَا بَطَلَتْ قَوْلَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute