يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاضِنِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مَحْضُونِهِ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَحْضُونُ يَتِيمًا مُهْمَلًا، أَيْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَصِيٌّ مِنْ أَبٍ وَلَا مُقَدَّمٌ مِنْ قَاضٍ، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ قَلِيلًا كَعِشْرِينَ دِينَارًا شَرْعِيَّةً فَأَقَلَّ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَحْضُونِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ فَالْبَيْعُ لَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ،، أَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ: وَأَمَّا الْكَافِلُ فَفِي بَيْعِهِ عَلَى مَكْفُولِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا، وَالْجَوَازُ فِي بَلَدٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ، وَالْمَنْعُ فِي بَلَدٍ فِيهِ سُلْطَانٌ، وَالْجَوَازُ فِي الْيَسِيرَةِ، قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ. وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ، فَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: ثَلَاثُونَ دِينَارًا، وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: عِشْرُونَ دِينَارًا وَنَحْوُهَا، وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: عَشْرَةٌ وَنَحْوُهَا. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ انْتَهَى بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ
(وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَالْبِكْرِ الَّتِي لَمْ تَعْنِسْ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ، وَاحْتَاجَ مَنْ كَانَ مِنْهُمَا إلَى بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ عَقَارِهِ، وَلَهُ حَاضِنٌ قَرِيبٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِ الْيَسِيرَ التَّافِهَ مِنْ عَقَارِهِ، مِثْلُ الَّذِي يَكُونُ ثَمَنُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى عِشْرِينَ وَيَنْفُذُ ذَلِكَ، وَلَا قِيَامَ فِيهِ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ رُشْدِهِ إذَا أَصَابَ الْحَاضِنُ وَجْهَ الْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ أَوْ بَعِيدًا عَنْهُ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَاضِن وَبِمَا قَدَّمْنَاهُ جَرَى الْعَمَلُ. (قَالَ الشَّارِحُ) وَأَشَارَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْمَرْضِيِّ إلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ. اهـ أَيْ
مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْحَاضِنِ، قَالَ: وَحَالُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ مَالِكًا أَجَازَ لَهَا أَنْ تُوصِيَ بِابْنِهَا وَبِمَا يَصِيرُ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهَا إلَى مَنْ يَنْظُرُ لَهُ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ سِتِّينَ دِينَارًا فَأَقَلَّ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِذَا قُيِّمَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيمَا بَاعَهُ الْكَافِلُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ حَضَانَةَ الْبَائِعِ، وَحَاجَةَ الْمَحْضُونِ، وَالسَّدَادَ فِي الثَّمَنِ، وَأَنَّهُ أَنْفَقَ الثَّمَنَ عَلَيْهِ، وَأَدْخَلَهُ فِي مَصَالِحِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مَا بِيعَ عَلَيْهِ مِنْ عَقَارِهِ، وَيَضْمَنُ ذَلِكَ عَقْدَ الْبَيْعِ آخِرًا.
(فَرْعٌ) نَقَلَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ آخِرَ السِّفْرِ الثَّالِثِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ فِي أَثْنَاءِ جَوَابٍ لَهُ: أَنَّ الْقَرِيبَ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ؛ فَيَمْضِي بَيْعُهُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَلَا يُرَدُّ. أَوْ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فَلَا يَمْضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute