للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَجُوزُ بَيْعُهُ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُوجِبَاتِ الْبَيْعِ اتِّكَالًا عَلَى شُهْرَتِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ أَيْ مَأْكَلٍ أَوْ مَلْبَسٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَيْ كَثْرَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا فَيُبْدِلُهُ بِمَا لَا وَظِيفَ عَلَيْهِ أَوْ كَوْنِهِ حِصَّةً فَيُبْدِلُهُ لَهُ بِكَامِلٍ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَنَحْوِهِ، أَوْ لِقِلَّةِ غَلَّتِهِ فَيُبْدِلُهُ بِمَا كَثُرَتْ غَلَّتُهُ، أَوْ لِكَوْنِهِ بَيْنَ ذِمِّيِّينَ، أَوْ جِيرَانِ سُوءٍ أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا، وَلَا مَالَ لَهُ يَضُمُّ بِهِ صَفْقَةَ الْبَيْعِ، أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ أَوْ لِخَوْفِ الْخَرَابِ وَلَا مَالَ لَهُ أَوْ لَهُ، وَالْبَيْعُ أَوْلَى.

وَهَذِهِ الْأَسْبَابُ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي بَيْعِ عَقَارِ الْيَتِيمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّيْخُ خَلِيلٍ وَغَيْرُهُمَا، لَا فِي كُلِّ مَبِيعٍ كَمَا قَدْ يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِ النَّاظِمِ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ افْتِقَارِ بَيْعِ الْوَصِيِّ عَقَارَ الْمَحْجُورِ لِذِكْرِ السَّبَبِ، هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ. الْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ كَالْأَبِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْوَصِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ السَّدَادِ حَتَّى يَثْبُتَ السَّدَادُ، أَوْ فِعْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: إنْ كَانَ الْوَصِيُّ ثِقَةً مَأْمُونًا عَارِفًا حَسَنَ النَّظَرِ، حُمِلَ عَلَى السَّدَادِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ امْرَأَةً حُمِلَ غَيْرُهُ وَأَشَارَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي التَّقْيِيدِ: إلَى أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ فِي الرُّبُعِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَبِهِ رَأَيْتُ الْعَمَلَ فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنْ شَيْخِنَا يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ قُضَاةُ بَلَدِهِ وَنَحْوُهُ فِي الطُّرَرِ فَيَمْضِي فِعْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْيَتِيمُ غَنِيًّا.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : فَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ، وَيَضْمَنُ الْعَقْدَ مَعْرِفَةُ الشُّهُودِ لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنُوهُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْجَوَازِ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذِكْرِ السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى إثْبَاتِهِ وَقَدْ نَصَّ فِي الطُّرَرِ عَلَى أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ أَيْ السَّبَبُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ. وَعَلَى مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ: مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ فِي الرِّبَاعِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ. لَا يَتِمُّ الْبَيْعُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِمَعْرِفَةِ السَّدَادِ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِسَبَبٍ مِنْ حَاجَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ.

(تَنْبِيهٌ) لَيْسَ مِنْ السَّدَادِ الْبَيْعُ لِيَصِيرَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ فَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي مَسْأَلَةِ وَصِيٍّ بَاعَ دَارَ يَتِيمٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إلَّا لِبِنَاءِ صِهْرِيجٍ فِي دَارٍ أُخْرَى، وَتَزْوِيقٍ وَزَلِيجٍ، يُنْقَضُ هَذَا الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ هَذَا سُوءُ نَظَرٍ. وَإِنْ كَانَ فِي تَعَقُّبِ فِعْلِ الْوَصِيِّ قَوْلَانِ. قَالَ: وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ كِبَارِ الْفَاسِيِّينَ مِنْ فُقَهَائِهِمْ اشْتَرَى جَنَانًا فَبَنَى فِيهِ مَنَارَةً وَصِهْرِيجًا فَوَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، فَطَلَبَ قِيمَةَ بِنَائِهِ، وَهُوَ غَلَطٌ إذْ مِثْلُ هَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْجَنَانِ نَقَلَهُ الشَّارِحُ.

(فَرْعٌ) إذَا قَيَّمَ فِيمَا بَاعَهُ الْوَصِيُّ، فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ الْمُشْتَرِي شِرَاءً صَحِيحًا، وَأَنَّ الْوَصِيَّ بَاعَ لِغِبْطٍ أَوْ حَاجَةٍ، وَيَتِمُّ لَهُ الشِّرَاءُ. وَفِي الطِّرَازِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ يَمْضِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشُّيُوخِ قَدِيمًا وَبِهِ الْعَمَلُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَبْنٌ فِي الثَّمَنِ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ.

وَجَازَ بَيْعُ حَاضِنٍ بِشَرْطِ أَنْ ... أُهْمِلَ مَحْضُونٌ، وَلَا يَعْلُو الثَّمَنْ

عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ الشَّرْعِيِّ ... فِضِّيَّةً وَذَا عَلَى الْمَرْضِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>