للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْكَلَامُ فِي الِاخْتِلَاف فِي الْأَجَلِ، أَيْ هَلْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ مُعَجَّلٍ؛ وَهُوَ أَيْضًا إمَّا مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ أَوْ مَعَ فَوَاتِهِ، وَفِي الِاخْتِلَافِ فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَعَدَمِ انْقِضَائِهِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الدُّخُولِ عَلَى الْأَجَلِ، وَهُوَ أَيْضًا إمَّا مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ أَوْ مَعَ فَوَاتِهِ. يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي كَوْنِ الْبَيْعِ وَقَعَ لِأَجَلٍ أَوْ عَلَى الْحُلُولِ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ مُطْلَقًا. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَاصٌّ بِمَا إذَا ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَجَلًا بَعِيدًا وَلَا عُرْفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ فَهَهُنَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ، وَإِنْ كَانَ فِي مِثْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ أَجَلٌ مَعْرُوفٌ جَارٍ بَيْنَ النَّاسِ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، لِأَنَّهُ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ نَبَّهَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. فَقَوْلُهُ لَهُ: وَقِيلَ ذَا أَيْ التَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ، وَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ صِفَتُهَا جُمْلَةُ يَبْعُدُ وَاقِعَةٌ عَلَى الْأَجَلِ، وَجُمْلَةُ وَالْعُرْفُ بِهِ قَدْ عُدِمَا حَالِيَةٌ، وَبِهِ يَتَعَلَّقُ بَعْدَمَا، وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ مَا، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ بَعْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ كَالطَّحْنِ فِي الْقَمْحِ، وَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فِي الْعُرُوضِ، وَالْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ، فِي الرَّقِيقِ، وَالْإِيلَادِ فِي الْإِمَاءِ، وَالْبَيْعِ، وَالْوَقْفِ فِي الْعَقَارِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدّ فَوْتًا فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَقَوْلَانِ أَيْضًا:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الَّذِي عَنَى النَّاظِمُ بِحَافِظِ الْمَذْهَب وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. فَقَوْلُهُ وَإِنْ يُفْتِ هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَحَيْثُمَا الْمَبِيعُ بَاقٍ، وَنَهَجَ أَيْ طَرِيقَ مَفْعُولُ سَالِكٍ وَسَالِكٌ صِفَةُ بَائِعٍ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ لِلْمُبْتَاعِ هُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ لِبَائِعٍ

(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَائِعُ بِالنَّقْدِ، وَقَالَ الْمُبْتَاعُ إلَى أَجَلٍ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ. فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ مَا يَدَّعِيه الْمُبْتَاعُ أَجَلًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلسِّلْعَةِ أَمَدٌ مَعْرُوفٌ تُبَاعُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ أَيْضًا ابْنُ الْقَاسِمِ: مَرَّةً أُخْرَى يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَبْدَأُ الْبَائِعُ. قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ. وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَبِهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ اهـ وَأَشَارَ بِالْبَيْتِ الْخَامِسِ إلَى حُكْمِ الِاخْتِلَافِ فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَأَنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقَضِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي تَعُودُ الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ بِذَا لِتَقَدُّمِهِ فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ مَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ إتْيَانِهِ بِذَلِكَ إثْرَ قَوْلِهِ: وَإِنْ يَفُتْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِمَنْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ وَعَدَمِ فَوَاتِهِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ

(قَالَ الشَّارِحُ) : يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ أَوَّلًا

وَحَيْثُمَا الْمَبِيعُ بَاقٍ وَاخْتُلِفَ

الْبَيْتَ

(قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ) قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك إلَى شَهْرٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ مِنْك إلَى شَهْرَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ لَمْ تَفُتْ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>