للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الرَّدِّ (ابْنُ يُونُسَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَاضِرِ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ رُكُوبَ احْتِبَاسٍ لَهَا بَعْدَ عِلْمٍ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ وَذَلِكَ رِضًا وَإِنْ رَكِبَهَا لِيَرُدَّهَا وَشِبْهِ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ وَلَوْ تَسَاوَقَ أَوْ تَسَاوَمَ بِالثَّوْبِ أَوْ لَبِسَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْعَيْبِ.

(ابْنُ عَرَفَةَ) تَصَرُّفُ الْمُخْتَارِ مُعْتَبَرٌ، أَمَّا سُكْنَى الدَّارِ وَنَحْوِهَا، بَعْدَ عِلْمِ عَيْبِهَا وَقَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ فَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصًّا، وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ مُجَرَّدِ السُّكُوتِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقِيَامِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ: لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بَغْلَةِ الدَّارِ أَوْ الْحَائِطِ حِينَ الْمُخَاصَمَةِ، وَالْغَلَّةُ لَهُ حَتَّى يُحْكَمَ بِالْفَسْخِ فَيَجْنِيَ الثِّمَارَ وَيَأْخُذَ غَلَّةَ الدَّارِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ الْمُكْرِيَ ثُمَّ يُخَاصِمَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لِلسُّكْنَى وَيُمْنَعُ لُبْسَ الثَّوْبِ وَالتَّلَذُّذَ بِالْجَارِيَةِ فَإِنْ لَبِسَ أَوْ وَطِئَ كَانَ رِضًا وَسَقَطَ قِيَامُهُ (الْمَازِرِيُّ) وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ اسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ ابْنُ شَاسٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَنْزِلُ عَنْ الدَّابَّةِ إنْ كَانَ رَاكِبًا إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْقَوْدُ فَيُعْذَرُ فِي الرُّكُوبِ إلَى مُصَادَفَةِ الْخَصْمِ أَوْ الْقَاضِي عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ.

(ابْنُ يُونُسَ) اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الدَّابَّةِ يُسَافِرُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْبًا فِي سَفَرِهِ فَرَوَى أَشْهَبُ إنْ حَمَلَ عَلَيْهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا لَزِمَتْهُ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا وَلْيَرْكَبْ فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ يَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

(ابْنُ يُونُسَ) وَبِهِ أَقُولُ، وَجْهُهُ أَنَّ الْمُضْطَرَّ فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ مُكْرَهًا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ فَكَذَلِكَ مَعَ الِاضْطِرَارِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ مَالِ غَيْرِهِ مَعَ الِاضْطِرَارِ فَفِي هَذَا أَحْرَى اهـ.

(فَرْعٌ) إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَوَجَدَ الْبَائِعَ غَائِبًا. فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ فَتَلَوَّمَ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ إنْ أَثْبَتَ الْعُهْدَةَ.

(التَّوْضِيحُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْبَلَدِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ رُدَّ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ تَكُونَ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ الْغَيْبَةِ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَيُثْبِتُ عِنْدَهُ الشِّرَاءَ وَصِحَّتَهُ وَصِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ، أَيْ عَلَى حَقِّهِ فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ اهـ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَرَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ، وَالْبَائِعُ غَائِبٌ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اشْتَرَى بِبَيْعِهِ الْإِسْلَامَ وَعُهْدَتَهُ، فَإِنْ أَقَامَهَا لَمْ يُعَجِّلْ الْإِمَامُ عَلَى الْقَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَأَمَّا الْبَعِيدُ الْغِيبَةِ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ طَمِعَ بِقُدُومِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قَضَى عَلَيْهِ بِرَدِّ الْعَبْدِ ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ وَيُعْطِي الْمُبْتَاعَ ثَمَنَهُ الَّذِي نُقِدَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ تَقُولَ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا فَمَا فَضَلَ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ أَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا أَتْبَعَهُ بِهِ الْمُبْتَاعُ اهـ مِنْ الْمَوَّاقِ، ابْنُ عَرَفَةَ غَيْبَةُ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تُسْقِطُ حَقَّ مُبْتَاعِهِ.

(قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) مَنْ أَقَامَ بِيَدِهِ عَبْدًا اشْتَرَاهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِغَيْبَةِ بَائِعِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِلسُّلْطَانِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ لَهُ الرُّجُوعُ بِعَيْنِهِ وَيُعْذَرُ لِغَيْبَةِ الْبَائِعِ لِتَنَقُّلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَيَرْجُو إنْ قَدِمَ الْبَائِعُ مُوَافَقَتَهُ. فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّهَادَةَ شَرْطٌ فِي رَدِّهِ أَوْ سُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ إنْ قَدِمَ رَبُّهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا أَعْرِفُ هَذَا لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ (ابْنُ عَرَفَةَ) وَلَهُ أَيْضًا الْقِيَامُ فِي غَيْبَتِهِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.

(فَرْعٌ) إذَا أَرَادَ الْبَائِعُ إحْلَافَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا اسْتَخْدَمَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَلَمْ يُحَلَّفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَادَةِ وَلَا الرِّضَا بِهِ إلَّا بِدَعْوَى مُخْبِرِهِ.

وَكَامِنٍ يَبْدُو مَعَ التَّغْيِيرِ ... كَالسُّوسِ لَا يُرَدُّ فِي الْمَأْثُورِ

يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ الْكَامِنَ الَّذِي لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَغَيُّرِ الْمَبِيعِ كَسُوسِ الْخَشَبِ، وَمَرَارَةِ الْقِثَّاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْجَهْلِ بِهِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ بِهِ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا بِيعَ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَفِي بَاطِنِهِ عَيْبٌ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ يَجْهَلُهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَلَا يُعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>