للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَيْبِهِ إلَّا بَعْدَ الشَّقِّ أَوْ الْكَسْرِ مِثْلُ الْخَشَبِ. وَشِبْهِهَا شِبْهِهِ يُشَقُّ فَيَجِدُ الْمُبْتَاعُ فِي دَاخِلِهَا دَاخِلِهِ عَيْبًا بَاطِنًا فَهُوَ لَازِمٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ رَدٍّ وَلَا قِيمَةِ عَيْبٍ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ، وَالْجَوْزُ يُوجَدُ دَاخِلُهُ فَاسِدًا، وَالْقِثَّاءُ تُوجَدُ مُرًّا فَلَا يُرَدُّ وَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَسَمِعَ أَشْهَبُ: الشَّاةُ يَجِدُهَا عَجْفَاءَ أَوْ جَوْفَهَا أَخْضَرَ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا، وَاضْطَرَبَ الشُّيُوخُ فِيمَنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَوَجَدَهَا عَجْفَاءَ لَا تُجْزِئُ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ فِيمَنْ اشْتَرَتْ رَمَادًا وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ جَيِّدٌ وَقَالَتْ بَيَّضْت بِهِ الْغَزْلَ فَلَمْ يَخْرُجْ جَيِّدًا فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بُيِّضَ بِهِ غَزْلٌ فَإِنْ خَرَجَ جَيِّدًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الْبُرْزُلِيُّ هَذَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّرِيعَةِ إذَا زَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لَا تَنْبُتُ يُؤْخَذُ بَعْضُهَا وَيُخْتَبَرُ وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِرَدِّ الْجُبْنِ يُوجَدُ فَاسِدًا لِأَنَّهُ مِمَّا عَمِلَتْ الْأَيْدِي، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْحَدِيدِ يُوجَدُ أَجْرَشَ مُتَقَطِّعًا إذَا دَخَلَ النَّارَ فَيُرَدُّ لِأَنَّهُ عَيْبٌ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ: مَنْ بَاعَ شَعِيرًا لِلزِّرَاعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ، فَزَرَعَهُ الْمُشْتَرِي، فَلَمْ يَنْبُتْ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ لِتَدْلِيسِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ مُبْتَاعُهُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ نَابِتًا أَوْ غَيْرَ نَابِتٍ عَلِمَ بَائِعُهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يُرِيدُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ زَرِيعَةً وَلَا بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ وَحَكَى أَنَّ الْقَاضِيَ ابْنَ عَبْدِ الرَّفِيعِ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: أَثْبِتْ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ أَنَّك زَرَعْتَ الزَّرِيعَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتَهَا مِنْ هَذَا بِعَيْنِهَا، وَأَنَّكَ زَرَعْتَهَا فِي الْإِبَّانِ وَفِي أَرْضٍ ثَرِيَّةٍ، وَأَنَّهَا لَمْ تَنْبُتْ وَلَك الرُّجُوعُ.

(قَالَ الْقَلْشَانِيُّ) وَاسْتَحْسَنَ هَذَا شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِي عِيسَى الْغُبْرِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ مِنْ الْقَلْشَانِيِّ بِاخْتِصَارٍ. قُلْت وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى زَرِيعَةُ دُودِ الْحَرِيرِ يُوجَدُ نَسْجُهَا فَاسِدًا فَإِذَا ذَكَرَ بَائِعُهَا أَنَّهَا جَيِّدَةٌ فَهَلْ هُوَ مِنْ الْغَرَرِ بِالْقَوْلِ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ عَدَمُ الْغُرْمِ إلَّا أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ عَقْدٌ وَهَذَا الَّذِي اشْتَرَى الزَّرِيعَةَ عَلَى أَنَّهَا جَيِّدَةٌ قَدْ يَشْتَرِي لَهَا الْوَرَقَ بِمَالٍ مُعْتَبَرٍ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى الْخَسَارَةِ الْكَثِيرَةِ وَلَمْ أَقِفْ فِي ذَلِكَ عَلَى نَصٍّ.

وَالْبَقُّ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الدُّورِ ... وَيُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْمَشْهُورِ

يَعْنِي أَنَّ الْبَقَّ فِي الدَّارِ عَيْبٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلرَّدِّ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ النَّاظِمِ أَنَّ مُطْلَقَ وُجُودِ الْبَقِّ عَيْبٌ وَلَوْ قَلَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْهُ لَا يَكَادُ تَسْلَمُ مِنْهُ دَارٌ، وَالْمُوجِبُ لِلرَّدِّ إنَّمَا هُوَ كَثْرَتُهُ فَلِذَلِكَ أُصْلِحَ كَلَامُهُ فَقِيلَ: وَكَثْرَةُ الْبَقِّ تَعِيبُ الدُّورَا وَتُوجِبُ الرَّدَّ لِأَهْلِ الشُّورَى وَفِي قَوْلِهِ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ بِقُرْطُبَةَ لَا الْمَشْهُورُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.

(قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) وَكَثْرَةُ الْبَقِّ عَيْبٌ فِيهَا أَيْ فِي الدَّارِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ فُقَهَاءِ الشُّورَى بِقُرْطُبَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِقُرْطُبَةَ وَحُكِمَ بِرَدِّهَا ا. هـ.

(قَالَ الشَّارِحُ) وَعَلَى فُتْيَا أَهْلِ الشُّورَى اعْتَمَدَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فِي مَسْأَلَةِ النَّمْلِ الْأَسْوَدِ السَّابِقِ لَهُ فِيهِ الْفُتْيَا فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اهـ. وَنَقَلَ الشَّارِحُ الْفُتْيَا الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ:

وَكُلُّ عَيْبٍ يُنْقِصُ الْأَثْمَانَا

الْبَيْتَيْنِ، وَلَفْظُهُ سُئِلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ لُبٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ دَارٍ بِيعَتْ وَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي نَحْوَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ وَهُوَ نَمْلٌ أَسْوَدُ صَغِيرٌ يُفْسِدُ الْخُبْزَ، وَالْإِدَامَ، وَيَأْكُلُ الْأَطْفَالَ، وَأَخْبَرَ الْجِيرَانُ أَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ قَدِيمٌ يَظْهَرُ مِنْ فَصْلِ الرَّبِيعِ إلَى الْخَرِيفِ.

(فَأَجَابَ) إنْ ثَبَتَ الْعَيْبُ الْمَذْكُورُ وَقِدَمُهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْبَائِعُ أَعْلَمَ بِهِ، وَلَا تَبَرَّأَ مِنْهُ، فَرَدُّ الدَّارِ بَيِّنٌ وَاجِبٌ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَطْرَدَ مَسْأَلَةً أُخْرَى نَزَلَتْ بِمَالِقَةَ وَهِيَ أَنَّ مُشْتَرِيَ رِيَاضٍ قَامَ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ، هُوَ أَنَّ امْرَأَةً قُتِلَتْ فِي الرِّيَاضِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَنَّ الرِّيَاضَ بِسَبَبِ هَذَا الْقَتْلِ يُوحِشُ سَاكِنِيهِ، وَتَنْفِرُ نُفُوسُهُمْ عَنْهُ، وَيَأْبَى الْعِيَالُ وَالْأَوْلَادُ سُكْنَاهُ وَتَتَرَاءَى لَهُمْ بِسَبَبِ هَذِهِ الْوَحْشَةِ خَيَالَاتٌ شَيْطَانِيَّةٌ مُفْزِعَةٌ مُقْلِقَةٌ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.

قَالَ النَّاظِمُ:

وَأُجْرَةُ السِّمْسَارِ تُسْتَرَدُّ ... حَيْثُ يَكُونُ لِلْمَبِيعِ رَدُّ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَكَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَفَعَ لِلدَّلَّالِ أُجْرَةً فَإِنَّ أُجْرَةَ الدَّلَّالِ تُرَدُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>