للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ بِهَا قَالَ الشَّارِحُ وَهِيَ مِثْلُ مَسْأَلَةِ الثُّنْيَا عَلَى الطَّوْعِ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الرَّهْنَ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَمُدَّعِي الرَّهْنِ مُدَّعٍ وَمُدَّعِي الثُّنْيَا مُدَّعًى عَلَيْهِ يُحَلَّفُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي الرَّهْنِيَّةِ وَاعْتَمَدَ النَّاظِمُ فُتْيَا الشَّيْخِ أَبِي إبْرَاهِيمَ بِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ لِإِطْلَاقِهِ فِيهَا وَذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْعَمَلِ بِهَا دُونَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي أَوَائِلِ نَوَازِلِ الدَّعَاوَى وَالْأَيْمَانِ مِنْ الْمِعْيَارِ إثْرَ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ الْمَنْقُولَةِ قَرِيبًا عَنْ الْمُقَرَّبِ وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا حُلِّفَ مَا نَصُّهُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِيهِ: حُجَّةُ مُرَاعَاةِ الشُّبْهَةِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى مَا لَا يُشْبِهُ وَلَا تَلِيقُ بِهِ وَلَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ قَالَ وَرَأَيْت بِخَطِّ أَبِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ يَحْيَى بْنَ تَمَّامٍ الْفَقِيهَ السَّبْتِيَّ اشْتَرَى حِصَّةً مِنْ حَمَّامٍ كَانَ لِرَجُلٍ يُعْرَفُ بِابْنِ اللَّوْنَكَةِ فِيهِ حِصَّةٌ فَخَافَ ابْنُ تَمَّامٍ أَنْ يَشْفَعَ عَلَيْهِ فَأَشْهَدَ لَهُ الْبَائِعَ بِالصَّدَقَةِ فَقَامَ ابْنُ اللَّوْنَكَةِ بِشُفْعَتِهِ فَدَافَعَهُ الْفَقِيهُ ابْنُ تَمَّامٍ بِالصَّدَقَةِ وَرَفَعَهُ إلَى قَاضِي سَبْتَةَ الْقُبَاعِيِّ فَأَفْتَى وَالْفُقَهَاءُ مَعَهُ بِأَنْ لَا شُفْعَةَ فِي الصَّدَقَةِ فَرَفَعَ ابْنُ اللَّوْنَكَةِ أَمْرَهُ إلَى الْحَضْرَةِ بِقُرْطُبَةَ وَكَتَبَ إلَى ابْنِ الْمُكْرِي بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ فَكَتَبَ بِخَطِّهِ فِي أَسْفَلِهَا هَذِهِ مِنْ حِيَلِ الْفُجَّارِ وَرَأَى الشُّفْعَةَ وَاجِبَةً فَنَفَّذَ فُتْيَاهُ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ اهـ وَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْمُكْرِي مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ لَا سِيَّمَا حَيْثُ تَحُفُّ بِذَلِكَ قَرَائِنُ الْعِوَضِ وَيَبْعُدُ فِيهِ التَّبَرُّعُ وَهُوَ غَالِبُ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَالشِّقْصُ لِاثْنَيْنِ فَأَعْلَى مُشْتَرًى ... يُمْنَعُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا يَرَى

إنْ كَانَ مَا اشْتَرَى صَفْقَةً وَمَا ... فِي صَفَقَاتٍ مَا يَشَاءُ الْتَزَمَا

الشِّقْصُ الْجُزْءُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ شِقْصًا لِرَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَرَادَ مَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ أَنْ يَشْفَعَ مَا بِيَدِ بَعْضِ الْمُشْتَرِينَ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِشَرِكَتِهِ دُونَ بَعْضٍ لِرِضَاهُ بِشَرِكَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ جَمِيعِ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَرْكُهُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ.

(قَالَ الشَّارِحُ) وَفِي أُصُولِ الْفُتْيَا قَالَ ابْنُ الْحَارِثِ وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ رَجُلًا وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِيَانِ رَجُلَانِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَيَدَعَ الْأُخْرَى اهـ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا إذَا تَرَاضَى عَلَى ذَلِكَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِيَانِ فَلَهُمْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ فَأَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ مَا اشْتَرَاهُ الْوَاحِدُ كَأَنْ يَشْتَرِيَ رُبُعًا فَيُرِيدَ الشَّفِيعُ أَنْ يَشْفَعَ الثُّمُنَ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ كَانَ شِرَاءُ الِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي صَفَقَاتٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ مَا شَاءَ وَتَرْكُ مَا شَاءَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتَيْنِ فَالشِّقْصُ مُبْتَدَأٌ وَمُشْتَرًى صِفَةٌ لَهُ وَلِاثْنَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِمُشْتَرًى وَأَعْلَى مَعْطُوفٌ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَجُمْلَةُ يُمْنَعُ خَبَرُ " الشِّقْصُ " وَ " إنْ كَانَ " شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ يُمْنَعُ إلَخْ وَ " مَا اشْتَرَى " اسْمُ " كَانَ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَانَ شِرَاءُ مَا اشْتَرَى صَفْقَةً وَ " مَا فِي صَفَقَاتٍ " مُبْتَدَأٌ وَفِي صَفَقَاتٍ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ وَاجِبِ الْإِضْمَارِ لِأَنَّهُ صِلَةُ مَا رَأَى وَمَا اشْتَرَى فِي صَفَقَاتٍ وَجُمْلَةُ الْتَزَمَ خَبَرُ مَا وَمَا يَشَاءُ مَفْعُولُ " الْتَزَمَ " وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْتَزَمَ مَا يَشَاءُ مِنْهَا.

وَيَدْخُلُ فِي مَنْطُوقِ كَلَامِ النَّاظِمِ صُورَتَانِ لِأَنَّ شِرَاءَ الِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ إمَّا مِنْ وَاحِدٍ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي شَرَحْنَا بِهَا كَلَامَ النَّاظِمِ وَإِمَّا مِنْ مُتَعَدِّدٍ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ وَلَفْظُهُ فَفِي الْمُقَرَّبِ قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَى ثَلَاثَةُ رِجَالٍ مِنْ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ دَارًا أَوْ أَرْضًا وَنَخْلًا وَشَفِيعُ ذَلِكَ كُلِّهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَقَالَ أَنَا آخُذُ حَظَّ أَحَدِهِمَا وَأُسَلِّمُ حَظَّ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مِنْ بَابٍ أُخْرَى صُورَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا فِي صَفْقَةٍ ثَلَاثَةَ أَشْقَاصٍ عَكْسُ الصُّورَةِ الْأُولَى فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَيْضًا أَخْذُ بَعْضِ مَا اشْتَرَاهُ ذَلِكَ الْوَاحِدُ دُونَ بَعْضٍ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ أَيْضًا) قُلْت لَهُ فَمَنْ اشْتَرَى حُظُوظَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ شَفِيعُهَا: أَنَا آخُذُ حَظَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَأُسَلِّمُ حَظَّ الِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ (تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ التَّبْعِيضِ فِيمَا اُشْتُرِيَ صَفْقَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>