فِي ذَلِكَ كَلَامًا وَأَمَّا فِي هَذِهِ فَالْبَيْعُ أَوْ الْهِبَةُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا كَلَامَ.
(قَالَ الشَّارِحُ) اعْتَمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فُتْيَا ابْنِ رُشْدٍ فِي مَنْعِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ وَهِبَتِهَا مُطْلَقًا وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ لِلشَّفِيعِ شُرَكَاءُ يُسَاوُونَهُ فِي الشُّفْعَةِ أَوْ هُوَ أَشْفَعُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَأَمَّا حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ شُرَكَاءُ وَوَهَبَ حَظَّهُ أَوْ بَاعَهُ فَلَمْ يَتَّضِحْ لِي وَجْهُ الْمَنْعِ كُلَّ الِاتِّضَاحِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ مَلَكَهُ مِنْ أَجْلِ الضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ عَلَى عِوَضٍ أَوْ دُونَهُ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُقَرَّبِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي وَلَفْظُهُ قُلْت فَمَنْ سَلَّمَ شُفْعَتَهُ بِمَالٍ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِهَا فَذَلِكَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ يَأْخُذُهَا إنْ شَاءَ اهـ.
(وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ) وَتُورَثُ الشُّفْعَةُ فَيَتَنَزَّلُ الْوَارِثُ مَنْزِلَةَ الْمَوْرُوثِ فِي الْحَقِّ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنْ الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ سَوَاءٌ مَاتَ الْمَوْرُوثُ وَالشِّقْصُ الَّذِي يَسْتَشْفِعُ بِهِ بِيَدِهِ فَوَرِثَ عَنْهُ أَوْ مَاتَ بَعْدَ بَيْعِ الشِّقْصِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ لَا تُبَاعُ وَتُوهَبُ اهـ.
وَحَيْثُمَا فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ اخْتُلِفْ ... فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْحَلِفْ
إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ لَيْسَ يَبْعُدْ ... وَقِيلَ مُطْلَقًا وَلَا يُعْتَمَدْ
وَابْنُ حَبِيبٍ قَالَ بَلْ يُقَوَّمْ ... وَبِاخْتِيَارٍ لِلشَّفِيعِ يُحْكَمْ
يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ فَقَالَ الشَّفِيعُ بِثَمَانِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ مَثَلًا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
(الْأَوَّلُ) أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لَكِنْ إذَا ادَّعَى مِنْ الثَّمَنِ مَا لَا يُبْعِدُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ
فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْحَلِفْ ... إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ لَيْسَ يَبْعُدْ
(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا أَتَى بِمَا يَبْعُدُ أَوْ بِمَا يُشْبِهُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عِنْدَ أَهْلِ الْأَحْكَامِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ
وَقِيلَ مُطْلَقًا وَلَا يُعْتَمَدْ
(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) لِابْنِ حَبِيبٍ يُقَوَّمُ الشِّقْصُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ أَوْ يَتْرُكَ إلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
وَابْنُ حَبِيبٍ قَالَ بَلْ يُقَوَّمْ
الْبَيْتَ وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِهِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ.
وَمَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ مَهْمَا يَدَّعِي ... بَيْعًا لِشِقْصٍ حِيزَ بِالتَّبَرُّعِ
فَمَا ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَهْ ... وَخَصْمُهُ يَمِينُهُ مُعَيِّنَهْ
يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الشَّفِيعُ وَمَنْ صَارَ لَهُ الشِّقْصُ الْآنَ فَادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الشِّقْصَ إنَّمَا حِيزَ بِالْبَيْعِ لِتَكُونَ لَهُ شُفْعَتُهُ وَادَّعَى حَائِزُهُ أَنَّهُ إنَّمَا حَازَهُ بِالتَّبَرُّعِ بِأَنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يُشْفَعُ مِنْ يَدِهِ فَعَلَى الشَّفِيعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حِيزَ بِمُعَاوَضَةٍ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ كَانَتْ لَهُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ فَعَلَى الْحَائِزِ الْيَمِينُ أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَسْقُطُ شُفْعَةُ الشَّرِيكِ وَوَجْهُ ذَلِكَ هُوَ كَوْنُ الشَّفِيعِ مُدَّعِيًا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَوْنُهُ يَدَّعِي مَا يُوجِبُ لَهُ حَقًّا قَبْلَ خَصْمِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَفِي الْمُقَرَّبِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِشِقْصٍ لَهُ فِي دَارٍ فَقَالَ الشَّفِيعُ لَهُ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ فِي السِّرِّ وَأَعْطَاهُ ثَوَابًا وَأَشْهَدَ لَهُ بِالصَّدَقَةِ لِيَقْطَعَ شُفْعَتِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَلِّفَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إنْ كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا حُلِّفَ وَنَحْوُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ.
(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) أَفْتَى فِيهَا أَبُو إبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بِالْيَمَنِ دُونَ نَظَرٍ إلَى حَالِهِ وَقَالَ