للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْحَاجَةُ إلَّا فِي النَّخْلِ، وَالْعِنَبِ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا، وَاخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ كَمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ أَمَرَ النَّاسِ إنَّمَا مَضَى عَلَى الْخَرْصِ فِيهِمَا خَاصَّةً وَسَأَلْت مَالِكًا عَمَّا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ إجَازَةِ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْفَوَاكِهِ فَقَالَ: " لَا أَرَى ذَلِكَ ثُمَّ " سَأَلْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ لِي اهـ.

وَهَذَا الْفِقْهُ كَافٍ فِي حُكْمِ قِسْمَةِ الْأُصُولِ مَعَ الثِّمَارِ، وَفِي قِسْمَةِ الثِّمَارِ وَحْدَهَا فَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. وَأَمَّا قِسْمَةُ الْأُصُولِ وَحْدَهَا الْمُشَارُ لَهَا بِالْبَيْتِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ، فَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ فِيهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ وَمَا فِي الْأَشْجَارِ مِنْ الثِّمَارِ غَيْرَ مَأْبُورٍ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُ الْأُصُولِ إذْ ذَاكَ وَإِنْ كَانَ مَأْبُورًا صَحَّتْ الْقِسْمَةُ فِي الْأُصُولِ فَقَطْ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَقَوْلُهُ:

وَحَيْثُمَا الْإِبَارُ فِيهِمَا عُدِمْ

أَيْ فِي الزَّرْعِ، وَالثِّمَارِ وَضَمِيرُ أُصُولِهِ لِلْمَأْبُورِ وَكَذَلِكَ ضَمِيرُ فِيهِ وَضَمِيرُ مَعَهَا لِلْأُصُولِ.

(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) : قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ فِي وَثَائِقِهِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي يُرَادُ اقْتِسَامُهَا إذَا كَانَ فِيهَا زَرْعٌ مُسْتَكِنٌ أَوْ فِي الْأُصُولِ ثَمَرَةٌ ظَاهِرَةٌ غَيْرُ مَأْبُورَةٍ: فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ فِي الْأَرْضِ وَالْأُصُولِ بِحَالٍ حَتَّى تُؤَبَّرَ الثَّمَرَةُ، وَيَظْهَرَ الزَّرْعُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ حَكَى ذَلِكَ سَحْنُونٌ فِي الثَّمَرِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: " وَهُوَ بَيِّنٌ صَحِيحٌ عَلَى أُصُولِهِمْ " وَالزَّرْعُ عِنْدِي مِثْلُهُ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ ظَاهِرًا أَوْ الثَّمَرُ مَأْبُورًا قُسِمَتْ الْأَرْضُ وَالْأُصُولُ خَاصَّةً وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ، وَالثَّمَرِ مَعَهَا، وَيَبْقَى ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ الزَّرْعُ حَبًّا، وَتُجَذَّ الثَّمَرَةُ، فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بِالْكَيْلِ وَلَا يَجُوزُ اقْتِسَامُ شَيْءٍ مِمَّا فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ بِالْخَرْصِ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَنْ مَالِكٍ إلَّا الثَّمَرَ، وَالْعِنَبَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَتُهَا بِالْخَرْصِ إذَا دَخَلَ بَيْعُهُ عَلَى وَجْهِ الرُّخْصَةِ إذَا اخْتَلَفَتْ أَغْرَاضُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ تُرِكَ ذَلِكَ حَتَّى أَزْهَى بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ فِيهِ.

(قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ) وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ: أَنَّ كُلَّ مُدَّخَرٍ مِنْ الثِّمَارِ لَا بَأْسَ بِاقْتِسَامِهِ بِالْخَرْصِ إذَا اخْتَلَفَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ اهـ. .

وَيُنْقَضُ الْقَسْمُ لِوَارِثٍ ظَهَرْ ... أَوْ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فِيمَا اشْتَهَرْ

إلَّا إذَا مَا الْوَارِثُونَ بَاءُوا ... بِحَمْلِ دَيْنٍ فَلَهُمْ مَا شَاءُوا

إذَا قَسَمَ الشُّرَكَاءُ ثُمَّ ظَهَرَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ مَا يَقْتَضِي نَقْضَ الْقِسْمَةِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : الطَّوَارِئُ عَلَى الْقِسْمَةِ خَمْسَةٌ: الْعَيْبُ، وَالِاسْتِحْقَاقُ، وَالدَّيْنُ، وَظُهُورُ وَارِثٍ، وَظُهُورُ مُوصًى لَهُ. وَتَكَلَّمَ - أَيْ ابْنُ الْحَاجِبِ - عَلَيْهَا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ اهـ.

وَقَدَّمَ النَّاظِمُ الْكَلَامَ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْعَيْبِ وَذَكَرَ هُنَا الثَّلَاثَةَ الْبَوَاقِيَ وَهِيَ ظُهُورُ الْوَارِثِ وَالدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَدْ نَوَّعَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا ذَكَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ مِنْهَا ثَمَانِيَةً؛ أَرْبَعَةً فِي قَوْلِهِ: كَطُرُوِّ غَرِيمٍ، أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ. الْأَوَّلُ مِنْهَا: أَنْ يَطْرَأَ غَرِيمٌ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ أَنْ اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ. الثَّانِي: أَنْ يَطْرَأَ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا. الثَّالِثُ: أَنْ يَطْرَأَ غَرِيمٌ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا. الرَّابِعُ أَنْ يَطْرَأَ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا، وَذَكَرَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا نَقْضُ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِقَوْلِهِ وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ دَارًا وَنَحْوَهَا وَأَمَّا إنْ كَانَ عَيْنًا مِثْلِيًّا فَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بَلْ يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَنُوبُهُ مِمَّا فِي يَدِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ: " وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ " وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا رَجَعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

(قَالَ الْحَطَّابُ) : وَيُشْتَرَطُ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ كَدَارٍ أَنْ لَا يَدْفَعَ الْوَرَثَةُ يُرِيدُ أَوْ أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ فَإِنْ دَفَعُوا الدَّيْنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ دَفَعَهُ بَعْضُهُمْ لَمْ تَنْتَقِضْ الْقِسْمَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعُوا الْعَدَدَ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ تَنْتَقِضْ الْقِسْمَةُ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَضَتْ اهـ.

حَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ مِنْ نَقْضِ الْقِسْمَةِ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونُ الْمَقْسُومُ دَارًا وَعَبْدًا وَثِيَابًا وَنَحْوَهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا فَلَا تُنْقَضُ بَلْ يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>