للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَغْتَلُّ طَرَفًا مِنْ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَتَارَةً يَتَّفِقَانِ عَلَى وُقُوعِ الْقِسْمَةِ، وَيَخْتَلِفَانِ هَلْ كَانَتْ قِسْمَةَ بَتٍّ أَوْ قِسْمَةَ اسْتِغْلَالٍ، وَتَارَةً يَخْتَلِفَانِ فَيَدَّعِي أَحَدُهُمَا الْقَسْمَ وَيَدَّعِي الْآخَرُ عَدَمَ الْقَسْمِ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَخَذَ طَرَفًا يَعْمُرُهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَمْ تَقَعْ بَيْنَهُمَا قِسْمَةٌ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَوْلَانِ الْأَصَحُّ مِنْهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي قِسْمَةِ الِاسْتِغْلَالِ يَعْنِي مَعَ يَمِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْأَكْثَرِيَّةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ قِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَهُوَ مَعَ يَمِينِهِ وَمَنْ قِيلَ مُصَدَّقٌ فَبِغَيْرِ يَمِينٍ هَذَا هُوَ الْغَالِبُ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ.

وَمَنْ ادَّعَى قِسْمَةَ الْبَتِّ، فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ النَّاظِمُ وَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْبَتِّ، وَعَلَى الْآخَرِ إثْبَاتُ كَوْنِ الْقَسْمِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِغْلَالِ فَقَطْ وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ (قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) وَإِذَا كَانَ مَالٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهُ قِسْمَةَ مُتْعَةٍ وَادَّعَى الثَّانِي أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهُ قِسْمَةَ بَتٍّ وَلَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ قَوْمٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْبَتَاتِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَقْسِمْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ هِشَامٍ فِي كِتَابِهِ قَالَ وَبِذَلِكَ جَرَى الْعَمَلُ وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ.

وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ عِنْدَهُ وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي حَيْثُ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْقِسْمَةِ فَاقْتَصَرَ ابْنُ سَلْمُونٍ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي نَفْيِ الْقِسْمَةِ وَعَلَى مَنْ ادَّعَى الْقَسْمَ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ عَجَزَ حُلِّفَ الْآخَرُ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ إنْ شَاءُوا وَلَفْظُهُ وَإِذَا لَمْ يَتَقَارَرُوا بِالْقَسْمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا اقْتَطَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا أَرْضًا يَعْمُرُهَا مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ الْقَسْمَ فَعَلَى مُدَّعِي الْقَسْمِ الْبَيِّنَةُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْآخَرِينَ الْيَمِينُ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ اهـ.

وَقَدْ تَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي قِسْمَةِ الِاسْتِغْلَالِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَدَمُ الْقِسْمَةِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَبَيْتُ النَّاظِمِ يَشْمَلُ الْوَجْهَيْنِ مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ دَعْوَى قِسْمَةِ الْبَتَاتِ يُقَابِلُهَا أَمْرَانِ دَعْوَى قِسْمَةِ الِاسْتِغْلَالِ وَدَعْوَى عَدَمِ الْقِسْمَةِ رَأْسًا وَلَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الْقِسْمَةِ حَيْثُ أَنْكَرَهَا الشَّرِيكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَلَا يَجُوزُ قَسْمُ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرْ ... مَعَ الْأُصُولِ وَالتَّنَاهِي يُنْتَظَرْ

وَحَيْثُمَا الْإِبَارُ فِيهِمَا عُدِمْ ... فَالْمَنْعُ فِي قِسْمَةِ الْأَصْلِ مُنْحَتِمْ

وَمَعَ مَأْبُورٍ يَصِحُّ الْقَسْمُ فِي ... أُصُولِهِ لَا فِيهِ مَعَهَا فَاعْرِفْ

وَقَسْمُ غَيْرِ التَّمْرِ خَرْصًا وَالْعِنَبْ ... مِمَّا عَلَى الْأَشْجَارِ مَنْعُهُ وَجَبْ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ، أَوْ أَشْجَارٌ فِيهَا ثِمَارٌ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يُرَادَ قِسْمَةُ الْأُصُولِ، وَالثِّمَارِ مَعًا، وَعَلَيْهِ تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ.

وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ قِسْمَةُ الْأُصُولِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ قِسْمَةُ الثِّمَارِ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتِ الرَّابِعِ، فَأَمَّا قِسْمَةُ الْأُصُولِ، وَالثِّمَارِ مَعًا فَلَا يَجُوزُ بَلْ تُقْسَمُ الْأُصُولُ عَلَى حِدَتِهَا وَيُنْتَظَرُ بِالثِّمَارِ طِيبُهَا، وَجَوَازُ بَيْعِهَا وَحِينَئِذٍ تُقْسَمُ.

(قَالَ فِي التَّهْذِيبِ) وَإِذَا وَرِثَ قَوْمٌ شَجَرًا، أَوْ نَخْلًا وَفِيهَا ثَمَرٌ فَلَا يَقْتَسِمُوا الثَّمَرَ مَعَ الْأُصُولِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ بَلَحًا، أَوْ طَلْعًا وَلَا يُقْسَمُ الزَّرْعُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَكِنْ تُقْسَمُ الْأَرْضُ، وَالْأُصُولُ، وَتُتْرَكُ الثَّمَرَةُ، وَالزَّرْعُ حَتَّى يَحِلَّ بَيْعُهُمَا فَيَقْسِمُوا ذَلِكَ حِينَئِذٍ كَيْلًا أَوْ يَبِيعُوهُ، وَيَقْسِمُوهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَلَا يُقْسَمُ الزَّرْعُ الَّذِي طَابَ فَدَادِينَ لَا مُدَارَعَةً وَلَا قَتًّا وَلَكِنْ كَيْلًا، وَيَدْخُلُ فِي قَسْمِ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ طَعَامٌ، وَأَرْضٌ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ بِغَبَنٍ أَوْ عَرَضٍ لَا بِطَعَامٍ كَانَ الزَّرْعُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الْأَرْضِ أَوْ أَكْثَرَ اهـ.

وَمَا ذُكِرَ فِي قِسْمَةِ الثِّمَارِ مِنْ وُجُوبِ التَّأْخِيرِ إلَى الطِّيبِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ الثَّمَرِ، وَالْعِنَبِ أَمَّا هُمَا فَتَجُوزُ قِسْمَتُهُمَا فِي أُصُولِهِمَا بِالتَّحَرِّي.

(قَالَ فِي التَّهْذِيبِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُقْسَمُ شَيْءٌ مِمَّا فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالثِّمَارِ بِالْخَرْصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>