للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهُمْ: يُقَوِّمُهُ بَيْنَنَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، وَالْعَدْلِ، فَمَنْ كَانَ دَعَا إلَى الْمُزَايَدَةِ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْمُزَايَدَةَ، وَالْآخَرُ الْبَيْعَ نُودِيَ عَلَى السِّلْعَةِ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَنًا كَانَ لِصَاحِبِ الْمُزَايَدَةِ أَخْذُهَا بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ الْآخَرُ، فَيَتَزَايَدَ فِيهَا حَتَّى يُسَلِّمَهَا أَحَدُهُمْ لِصَاحِبِهِ بِالزِّيَادَةِ فَتَلْزَمَهُ. انْتَهَى.

وَالرَّدُّ لِلْقِسْمَةِ حَيْثُ يُسْتَحَقْ ... مِنْ حِصَّةٍ غَيْرُ يَسِيرٍ مُسْتَحَقَّ

يَعْنِي أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا قَسَمُوا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ غَيْرُ الْيَسِيرِ، فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُفْسَخُ، وَتُرَدُّ قَالَ الشَّارِحُ: " وَغَيْرُ الْيَسِيرِ هُوَ الثُّلُثُ " ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُبَيِّنِ الْمُؤَلِّفُ مِقْدَارَ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الرَّدَّ مِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي يُوجِبُهُ، وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنْ التَّهْذِيبِ: وَاسْتِحْقَاقُ النِّصْفِ، وَالثُّلُثِ فِيهِمَا كَثِيرٌ يُوجِبُ لَهُ رَدَّ بَقِيَّتِهَا، أَوْ حَبْسَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ اهـ.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ: " وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ خُيِّرَ لَا رُبُعٌ وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ " قَالَ الْحَطَّابُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الْمَقْسُومِ أَوْ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ أَوْ مُعَيَّنًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ أَوْ شَائِعٌ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ فَيُفَصَّلُ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَفِيهِ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَقْسُومِ، فَلَا كَلَامَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا مِثْلُ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: " وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ ".

وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ وُجُودِ الْعَيْبِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ بِبَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ: جَاءَتْ فِيهَا أَلْفَاظٌ مُشْكِلَةٌ، وَأَجْوِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَمَقَالَاتٌ مُطْلَقَةٌ اُضْطُرِرْتُ بِسَبَبِهَا إلَى تَأْوِيلِ كَلَامِ الشُّيُوخِ، وَمَذَاهِبِهِمْ فِي تَحْقِيقِ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ اهـ.

وَقَدْ لَخَّصَ فِي اللُّبَابِ مِنْ ذَلِكَ كَلَامًا وَمَا نَصُّهُ وَإِذَا وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي شَائِعٍ لَمْ يُنْقَضْ الْقَسْمُ، وَاتَّبَعَ الْمُسْتَحِقُّ كُلَّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا صَارَ مِنْ حَقِّهِ، وَلَا يُتَّبَعُ الْمَلِيُّ عَنْ الْمُعْدِمِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُهُ رَجَعَ فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَرَّةً: يُنْقَضُ الْقَسْمُ كُلُّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَقَالَ مَرَّةً: يَرْجِعُ فَيُسَاوِي صَاحِبَهُ فِيمَا بِيَدِهِ بِقَدْرِ نِصْفِ ذَلِكَ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَقَالَ مَرَّةً يَنْتَقِضُ فِي الْكَثِيرِ، وَيَرْجِعُ فِي الْيَسِيرِ شَرِيكًا انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ، وَرَاجِعْ كَلَامَ الْحَطَّابِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْبُيُوعِ: أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ.

وَانْظُرْ قَوْلَهُ إنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ لَمْ يُنْقَضْ الْقَسْمُ وَاتَّبَعَ الْمُسْتَحِقُّ كُلَّ وَارِثٍ إلَخْ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَالْمُسْتَحِقُّ حَيْثُ صَارَ نَصِيبُهُ مُوَزَّعًا بَعْضُهُ فِي نَصِيبِ هَذَا الْوَارِثِ وَبَعْضُهُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ.

وَالْغَبْنُ مَنْ يَقُومُ فِيهِ بُعْدَا ... أَنْ طَالَ وَاسْتَغَلَّ قَدْ تَعَدَّى

يَعْنِي أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا قَسَمُوا، وَاسْتَغَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ، وَطَالَ الْأَمَدُ ثُمَّ قَامَ أَحَدُهُمْ بِالْغَبْنِ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الْقِيَامُ لَوْ قَامَ بِقُرْبِ الْقِسْمَةِ وَذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَدْ تَعَدَّى فِي قِيَامٍ وَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالطُّولُ فِي ذَلِكَ السَّنَةُ، وَكَذَلِكَ يُفِيتُ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ الْبِنَاءُ، وَالْغَرْسُ.

(قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) : قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ: " لَا يُقَامُ بِالْغَبْنِ إلَّا بِقُرْبِ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا بَعْدَ طُولٍ وَاسْتِغْلَالٍ فَلَا قِيَامَ فِي ذَلِكَ ".

وَالْمُدَّعِي لِقِسْمَةِ الْبَتَاتِ ... يُؤْمَرُ فِي الْأَصَحِّ بِالْإِثْبَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>