للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي أَنَّ خِطَابَ الْقَاضِي لِلرُّسُومِ إنْ طَلَبَهُ مِنْهُ صَاحِبُهَا، فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَالرُّسُومُ جَمْعُ رَسْمٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الصُّكُوكُ وَكَانَ اللَّامُ فِي. (لِلرُّسُومِ) بِمَعْنَى فِي عَلَى حَدِّ {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧] أَيْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْ ثُمَّ خِطَابُ الْقَاضِي لِقَاضٍ آخَرَ فِي الرُّسُومِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِلرُّسُومِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي الرُّسُومِ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَكُونُ بِالرَّسْمِ وَيَكُونُ بِمُشَافَهَةِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: (وَأَنْهَى لِغَيْرِهِ بِمُشَابَهَةٍ إنْ كَانَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا. . . إلَخْ) وَكِلَاهُمَا وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي إنْ طَلَبَهُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَالَ الشَّارِحُ) قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ إنْ حَكَمَ بِمَا حَكَمَ بِهِ وَبِكُلِّ حُجَّةٍ لَهُ مِنْ تَعْدِيلٍ وَتَجْرِيحٍ وَمُوجِبِ حُكْمِهِ؛ لِيَكُونَ لَهُ حُجَّةً عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إنْ نَازَعَهُ وَيَكْتُبُ بِمَا حَكَمَ بِهِ لِحَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ أَبْهَمَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ أَوْ عَيَّنَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (مَنْ ثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَ قَاضٍ فَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا إلَى أَيِّ الْآفَاقِ كَانَ لَا يُسَمِّي قَاضِيًا بِعَيْنِهِ وَلَا بَلَدًا بِعَيْنِهَا) (قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) هُوَ كَمَا قَالَ اتِّفَاقًا (قَالَ الشَّارِحُ) وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ النَّظَرِ فِي الْخِطَابِ وَفِي مَحَلِّهِ مِنْ الرَّسْمِ الْمُخَاطَبِ بِهِ وَفِي كَيْفِيَّتِهِ (قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ) وَشَأْنُ قُضَاةِ وَقْتِنَا كَتْبُ الْخِطَابِ أَسْفَلَ وَثِيقَةِ ذِكْرِ الْحَقِّ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ظَهْرِ الصَّحِيفَةِ أَوْ أَحَدِ عَرْضَيْهَا إنْ عَجَزَ أَسْفَلَهَا، وَرُبَّمَا كَانَ فِي وَرَقَةٍ مُلْصَقَةٍ بِالْوَثِيقَةِ إنْ تَعَذَّرَ الْمَوْضِعُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاسْتَخَفَّ قُضَاةُ زَمَانِنَا تَرْكَ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَاتِ الْوَثَائِقِ وَأُرَاهُمْ لِاكْتِفَائِهِمْ بِالِاسْتِفْتَاحِ الْوَاقِعِ فِي صَدْرِ الْعَقْدِ، وَإِعَادَةُ ذَلِكَ أَوْلَى لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ فَصْلٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَكْتُبَ أَعْلَمَ بِصِحَّةِ الرَّسْمِ الْمُقَيَّدِ فَوْقَ هَذَا عَلَى مَا يَجِبُ الشَّيْخَ الْفَقِيهَ الْأَجَلَّ أَبَا فُلَانِ بْنَ فُلَانٍ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَتَسْدِيدَهُ، وَلِيُّهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ. وَذِكْرُهُ تَارِيخَ الْمُخَاطَبَةِ أَحْسَنُ وَأَحْوَطُ لِاحْتِمَالِ عَزْلِ الْقَاضِي الْكَاتِبَ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ الْعِلْمُ بِعَزْلِهِ فَيَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي إعْمَالِ خِطَابِهِ وَعَدَمِ إعْمَالِهِ؛ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الَّتِي خَاطَبَ بِقَبُولِهَا وَثُبُوتِ الْحَقِّ بِهَا رُبَّمَا انْتَقَلَتْ حَالُهُمْ إلَى جُرْحَةٍ حَدَثَتْ، فَإِذَا تَأَخَّرَ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الْخِطَابِ ثُمَّ أَعْذَرَ لِمَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَلَمْ يَكُنْ تَارِيخٌ أَمْكَنَهُ إبْطَالُهُ بِإِثْبَاتِ جُرْحَةِ الْبَيِّنَةِ الْآنَ، وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ التَّارِيخِ لِسَلَامَةِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَالْقَبُولِ مِنْ الْجُرْحَةِ الْحَادِثَةِ وَإِنَّمَا قَدَّمُوا فِي التَّخَاطُبِ مَفْعُولَ أَعْلَمَ وَهُوَ اسْمُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَى الْفَاعِلِ الْكَاتِبِ تَعْظِيمًا لَهُ وَاهْتِمَامًا بِهِ اهـ.

بِبَعْضٍ اخْتِصَارٍ وَبَعْضُهُ بِالْمَعْنَى. (وَقَدْ نَقَلَ) الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ كَلَامَ ابْنِ الْمُنَاصِفِ الْمَنْقُولَ آنِفًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَإِذَا كَتَبَ قَاضٍ إلَى قَاضٍ فَمَاتَ الَّذِي كَتَبَ الْكِتَابَ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَوْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ عُزِلَ وَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَى مَنْ وُلِّيَ بَعْدَهُ فَالْكِتَابُ جَائِزٌ يُنَفِّذُهُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا كُتِبَ لِغَيْرِهِ اهـ. ثُمَّ اسْتَطْرَدَ ذِكْرَ فُرُوعٍ رَأَيْت إثْبَاتَهَا هُنَا لِغَرَابَتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاصِرِ مِثْلِي.

(أَحَدُهَا) بِمَ يَثْبُتُ خَطُّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ قَالَ فِيهِ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ اتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرِنَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>