للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبُولِ كِتَابِ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ وَالْحُقُوقِ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ خَطِّهِ دُونَ إشْهَادِهِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا خَاتَمٍ مَعْرُوفٍ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ خَطِّهِ دُونَ إشْهَادِهِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا خَاتَمٍ، ثُمَّ وَجْهُ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ. (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ إنْ ثَبَتَ خَطُّ الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَارِفَةٍ بِالْخُطُوطِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَعْرِفُ خَطَّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ إلَيْهِ - فَجَائِزٌ عِنْدِي بِمَعْرِفَةِ قَبُولِهِ خَطَّهُ وَقَبُولِ سَحْنُونٍ كُتُبَ أُمَنَائِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ لِأَنَّ وُرُودَ كِتَابِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ عِنْدَهُ بِذَلِكَ، فَقَبُولُهُ الْكِتَابَ بِمَا عَرَفَهُ مِنْ خَطِّهِ كَقَبُولِهِ بِبَيِّنَةٍ بِمَا عَرَفَ مِنْ عَدَالَتِهَا. (الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ كِتَابُ قَاضٍ إلَيْهِ فِي حَقٍّ يَتَأَخَّرُ الْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ الْكِتَابِ عِنْدَهُ الَّذِي قَبِلَهُ بِمَعْرِفَةِ خَطِّهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَمَاتَ أَوْ عُزِلَ وَقَدْ مَاتَ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ أَوْ عُزِلَ وَخَلَفَ مَكَانَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ قَاضٍ آخَرُ أَلْجَأَ صَاحِبَ الْحَقِّ؛ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ الْكِتَابِ عِنْدَهُ بِشُهُودٍ عَلَى الْقَاضِي الَّذِي كَتَبَهُ فِي حَالِ وِلَايَتِهِ أَنَّهُ كِتَابُهُ إذْ لَا يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِمَعْرِفَةِ الْخَطِّ إنْ كَانَ الَّذِي كَتَبَهُ مَاتَ أَوْ عُزِلَ لِمَا نُبَيِّنُهُ، وَهُوَ أَنَّ ثُبُوتَ كِتَابِهِ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ كَمُشَافَهَتِهِ بِسَمَاعِ نُطْقِهِ ذَلِكَ وَسَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي وِلَايَتِهِ وَأَمَّا بَعْدَ عَزْلِهِ فَلَا اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ إنْ شِئْت.

(الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ وَتَجُوزُ مُخَاطَبَةُ قُضَاةِ الْإِمَامِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَلَوْ وَلَّى بَعْضُ قُضَاةِ الْإِمَامِ قُضَاةً فِي عَمَلِهِ لِبُعْدِ الْمَحَلِّ عَنْهُ صَحَّ مُخَاطَبَتُهُ إيَّاهُمْ وَمُخَاطَبَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا إنْ أَذِنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قَصَرَهُمْ عَلَى مُخَاطَبَتِهِ لَمْ تَجُزْ مُخَاطَبَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا؛ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاؤُهُ فَلَا يَتَعَدَّوْا مَا حَدَّهُ لَهُمْ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَاطِبَهُمْ قَاضِي إقْلِيمٍ غَيْرِ الَّذِي وَلَّاهُمْ وَلَا يُخَاطِبُوهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الَّذِي وَلَّاهُمْ، وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُ الْقَاضِي قُضَاتَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُ جَازَتْ مُخَاطَبَتُهُمْ مُطْلَقًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ. (الْخَامِسُ) قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ وَشَأْنُ قُضَاةِ وَقْتِنَا كَتْبُ الْخِطَابِ فِي أَسْفَلَ وَوَثِيقَةِ ذِكْرِ الْحَقِّ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنْ الشَّارِحِ أَوَّلَ شَرْحِ هَذَا الْبَيْتِ فَرَاجِعْهُ. (السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَدَمُ تَسْمِيَةِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَغَالِبُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُ إنْ كَانَ الَّذِي كَتَبَ الْإِعْلَامَ هُوَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِتُونُسَ فَإِنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي آخِرِ خِطَابِهِ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ يَقِفُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْكَاتِبُ غَيْرَهُ كَتَبَ فِي إعْلَامِهِ لَفْظَ السَّلَامِ. . . إلَخْ، وَذَكَرَ لِي بَعْضُ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّهُ وَرَدَ خِطَابٌ مِنْ قَاضِي بِجَايَةَ إلَى تُونُسَ وَالْقَاضِي بِهَا يَوْمئِذٍ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ الرَّفِيعِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظُ السَّلَامِ فَتَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ (قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ) وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ فِعْلَ الْإِعْلَامَ حَالًا وَكَتَبَ أُعْلِمُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَرَفْعِ آخِرِ الْفِعْلِ، ثُمَّ يَقُولُونَ بَعْدَ ذِكْرِ اسْمِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَكَتَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ أَسْفَلَ الْعَقْدِ الْمُقَيَّدِ فَوْقَ هَذَا أَوْ صَحَّ بِالرَّسْمِ أَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.

(السَّابِعُ) إنْ اشْتَمَلَتْ الصَّحِيفَةُ عَلَى عُقُودٍ كَثِيرَةٍ صَحَّ جَمِيعُهَا عِنْدَهُ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ فَيَقُولُ أَعْلَمْت الشَّيْخَ الْفَقِيهَ الْقَاضِيَ أَبَا فُلَانٍ بِصِحَّةِ الرُّسُومِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ الْمُقَيَّدَةِ أَوْ الرَّسْمَيْنِ الْمُقَيَّدَيْنِ فَوْقَ كِتَابِي هَذَا أَوْ بِمَقْلُوبِهِ، وَإِنْ صَحَّ بَعْضُهَا دُونَ جَمِيعِهَا نَصَّ عَلَى مَا صَحَّ مِنْهُ إمَّا بِأَنْ يَقُولَ الْمُقَيَّدُ أَوَّلَ هَذَا الصَّفْحِ الْمُوَالِي لِكِتَابِي هَذَا أَوْ يُعَيِّنُهُ تَعْيِينًا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ فَيَذْكُرُ الْحَقَّ بِعَيْنِهِ. (الثَّامِنُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ الْمُخَاطَبِ عَلَيْهِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَكَانَ فِيهِ شُهُودٌ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا خَاطَبَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ صَحَّ فِي الرَّسْمِ، وَلَا اسْتَقَلَّ وَلَا ثَبَتَ بَلْ يَقُولُ أُعْلِمُ الشَّيْخَ الْفَقِيهَ أَبَا فُلَانٍ بِقَبُولِ شَهَادَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُسَمَّى عَقِبَ ذِكْرِ الْحَقِّ الْمُقَيَّدِ فَوْقَ هَذَا فِيمَا شَهِدَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا يَجِبُ وَشِبْهُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ فَيَحْلِفُ صَاحِبُهَا مَعَ الشَّاهِدِ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ وَأَمَّا الْوَكَالَاتُ وَالْحُدُودُ وَمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَلَيْسَ لِلْمُخَاطَبَةِ فِيهِ عَلَى الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَجْهٌ إلَّا إنْ رُجِيَ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>