للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِشْرَةٌ يُصَانَعُ عَلَى تَحْسِينِهَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَفِي الطَّلَاقِ زَرْعُهُ لِلزَّارِعِ ... ثُمَّ الْكِرَاءُ مَا لَهُ مِنْ مَانِعِ

(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) : وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ زَرْعِ أَرْضٍ فَالزَّرْعُ لَهُ وَيَلْزَمُهُ مِنْ كِرَاءِ الْعَامِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ وَقْتِ الْحَصَادِ تُنْسَبُ تِلْكَ الْمُدَّةُ مِنْ الْعَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْكِرَاءُ عَلَى قَدْرِ تِلْكَ النِّسْبَةِ اهـ.

وَفِيهِ تَحْرِيرٌ لِبَيَانِ الْقَدْرِ اللَّازِمِ لِلزَّوْجِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَلَيْسَ هُوَ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ وَأَمَّا إذَا حَرَثَ الْأَرْضَ أَيْ قَلَّبَهَا وَلَمْ يَزْرَعْهَا فَالزَّوْجَةُ مُخَيَّرَةٌ فِي إعْطَاءِ قِيمَةِ الْحَرْثِ، وَالِاسْتِمْسَاكِ بِمَنْفَعَةِ أَرْضِهَا، أَوْ تَسْلِيمِهَا بِحَرْثِهَا، وَأَخْذِ الْكِرَاءِ مِنْهُ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَخُيِّرَتْ فِي الْحَرْثِ فِي إعْطَاءِ ... قِيمَتِهِ وَالْأَخْذِ لِلْكِرَاءِ

فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ: فَإِنْ كَانَ الْإِمْتَاعُ فِي أَرْضٍ فَطَلَّقَ الزَّوْجَةَ بَعْدَ الْحَرْثِ وَقَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَالزَّوْجَةُ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ إعْطَائِهِ قِيمَةَ حَرْثِهِ وَأَخْذِ أَرْضِهَا، وَبَيْنَ تَرْكِهَا بِيَدِهِ وَأَخْذِ كِرَائِهَا اهـ.

هَذَا حُكْمُ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي أَمْتَعَتْ فِي مَالِهَا، وَقَدْ بَقِيَ لِنَضُوضِ الْغَلَّةِ أَمَدٌ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْأَمَدِ الْبَاقِي لِتَنَاهِي غَلَّتِهِ عَلَى الزَّوْجِ الْمُعْمِرِ لِلْأَرْضِ بَعْدَ أَنْ يَقْتَطِعَ لَهُمْ مَا يَنُوبُهُ فِي مِيرَاثِهِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ رُبُعٍ أَوْ نِصْفٍ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَحَيْثُمَا الزَّوْجَةُ مَاتَتْ فَالْكِرَا

الْبَيْتَيْنِ وَإِلَى مُحَاسَبَةِ الزَّوْجِ وَرَثَةَ الْمَرْأَةِ بِمَا يَرِثُ مِنْ الْكِرَاءِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

مِنْ بَعْدِ رَعْيِ حَظِّهِ الْمُعْتَادِ

(قَالَ الشَّارِحُ) : " وَهَذِهِ عَكْسُ الصُّورَةِ الَّتِي سَبَقَتْ فِي مَوْتِ الزَّوْجِ الْمُمْتَعِ " وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّ مَنْ أَوْجَبَ الْكِرَاءَ هُنَالِكَ يُطَّرَدُ قَوْلُهُ هُنَا لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ انْتَقَلَ مِلْكُهُ هُنَا لِوَرَثَةِ الْمَرْأَةِ كَمَا انْتَقَلَ هُنَالِكَ لِوَرَثَةِ الرَّجُلِ، وَأَنَّ مَا رَجَّحَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ لُبٍّ هُنَالِكَ لَا يَخْلُو مِنْ بَحْثٍ. اهـ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ: أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي فِي مَوْتِ الزَّوْجِ جَارِيَةٌ فِي مَسْأَلَةِ مَوْتِ الزَّوْجَةِ وَلَفْظُهُ: وَإِنْ كَانَ انْقِضَاءُ الزَّوْجِيَّةِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ فَيَلْزَمُهُ مِنْ الْكِرَاءِ عَلَى قَدْرِ تِلْكَ النِّسْبَةِ لَكِنْ يَسْقُطُ عَنْهُ مِقْدَارُ حَظِّهِ إذْ هُوَ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَيُؤْخَذُ بِالْكِرَاءِ عَلَى النِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حُظُوظِ الْوَرَثَةِ لَا غَيْرُ هَذَا الْقَوْلُ الْجَارِي عَلَى الْقِيَاسِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الزَّرْعَ لِلزَّوْجِ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ حَمْلًا عَلَى مَا قِيلَ فِي الْحَبْسِ وَالْعُمْرَى، وَقَدْ قِيلَ: إنْ كَانَ إبَّانُ الزِّرَاعَةِ بَاقِيًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ كَامِلًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَمْلًا عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ. اهـ وَلَعَلَّ النَّاظِمَ لَمَّا رَأَى الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فِي مَوْتِ الزَّوْجِ، وَطَلَاقِهِ مَعًا حَكَاهَا فِي مَوْتِ الزَّوْجِ وَأَشَارَ لَهَا فِي مَوْتِ الزَّوْجَةِ بِالْأَصَحِّ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ: عَدَمُ لُزُومِ الْكِرَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَمُرَّ زَمَنُ الْحَدَثِ أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ: " ثُمَّ الْكِرَاءُ مَا لَهُ مِنْ مَانِعِ " إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَقِيَ لِلْحَصَادِ مُدَّةٌ تَسْتَحِقُّ كِرَاءً بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي مَوْتِ الزَّوْجَةِ: " بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لِلْحَصَادِ " أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ تَنَاهِي الطِّيبِ فَالزَّرْعُ لِلزَّوْجِ، وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَإِنْ تَقَعْ وَقَدْ تَنَاهَى الْفُرْقَهْ

(الْبَيْتَ) .

وَالْفُرْقَةُ أَيْ بِالطَّلَاقِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجَةِ فَاعِلُ " تَقَعْ "، وَجُمْلَةُ " وَقَدْ تَنَاهَى " حَالِيَّةٌ وَقَوْلُهُ فَالزَّوْجُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ جُمْلَةُ اسْتَحَقَّهُ أَيْ الزَّرْعَ وَدُونَ شَيْءٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ كِرَاءٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ: " وَإِنْ تَقَعْ الْفِرْقَة إلَخْ. " حَتَّى لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي مَوْتِ الزَّوْجِ: " يَمُوتُ قَبْلَ وَقْتِ الِاسْتِغْلَالِ " وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ

فَالزَّوْجُ دُونَ شَيْءٍ اسْتَحَقَّهْ

يَعْنِي إنْ كَانَ حَيًّا، وَذَلِكَ حَيْثُ يُطَلِّقُ، أَوْ تَمُوتُ الزَّوْجَةُ. وَلِوَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ وَقْتِ الِاسْتِغْلَالِ. وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ: " وَإِنْ انْقَضَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَعْدَ الْحَصَادِ فَلَا خَفَاءَ أَنَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ. اهـ وَالْمُرَادُ بِالتَّنَاهِي الْيُبْسُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَيَكُونُ الْحَصَادُ أَحْرَوِيًّا فِي عَدَمِ لُزُومِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ:

وَنُزِّلَ الْوَارِثُ فِي التَّأْنِيثِ ... وَعَكْسِهِ مَنْزِلَةَ الْمَوْرُوثِ

هُوَ كَقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ: وَحُكْمُ وَرَثَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا حُكْمُ مَوْرُوثِهِ إنْ كَانَ انْقِضَاءُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا بِالْمَوْتِ. اهـ

يَعْنِي: إذَا مَاتَ الزَّوْجُ فَوَرَثَتُهُ هُمْ الْمُطَالَبُونَ بِدَفْعِ الْكِرَاءِ لِلزَّوْجَةِ، وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَوَرَثَتُهَا هُمْ الطَّالِبُونَ لِقَبْضِ الْكِرَاءِ مِنْ الزَّوْجِ، وَيَعْنِي بِالتَّأْنِيثِ " مَوْتَ الزَّوْجَةِ وَبِعَكْسِهِ مَوْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>