للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَّلَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ صَرْفٌ وَشَرِكَةٌ وَالصَّرْفُ لَا يَجُوزُ مَعَ الشَّرِكَةِ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ مَعَ الشَّرِكَةِ فَالصَّرْفُ أَوْلَى وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَقَالَا إنَّمَا يُمْنَعُ الصَّرْفُ وَالشَّرِكَةُ إذَا كَانَ الصَّرْفُ خَارِجًا عَنْ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَيَجُوزُ ثُمَّ قَالَ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ هَذَا ذَهَبًا وَوَرِقًا وَالْآخَرَ مِثْلَهُ ذَهَبًا وَوَرِقًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ (ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَلِهَذَا رَجَّحَ جَمَاعَةٌ قَوْل سَحْنُونٍ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ جَارٍ فِي هَذِهِ وَهِيَ جَائِزَةٌ اهـ.

وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ هَذَا الْوَجْهِ اتِّفَاقُ عَوْدِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِلَّا كَانَ صَرْفًا وَشَرِكَةً كَمَا تَقَدَّمَ، وَاسْمُ تَكُنْ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ لِلشَّرِكَةِ وَبِالتَّحْتَانِيَّةِ لِلِاشْتِرَاكِ وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَتَى بِالْإِشَارَةِ بِصِيغَةِ الْمُذَكَّرِ، وَ " فِي " مِنْ قَوْلِهِ " فِي الْعَيْنِ " بِمَعْنَى الْبَاءِ أَنْشَدَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي

وَيَرْكَبُ يَوْمَ الرَّوْعِ مِنَّا فَوَارِسُ ... يَصِيرُونَ فِي طَعْنِ الْأَبَاهِرِ وَالْكُلَى

أَيْ يَصِيرُونَ بِطَعْنِ الْأَبَاهِرِ جَمْعُ أَبْهَرَ وَهُوَ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ وَقِيلَ فِي مُسْتَبْطَنِ الْقَلْب إذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ وَالْكُلَى مَعْرُوفٌ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَجُوزُ عِنْدَ غَيْرِ مَالِكٍ بِالطَّعَامِ الْمُتَّفِقِ أَيْ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَمَنَعَ ذَلِكَ مَالِكٌ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) قَاسَ ابْنُ الْقَاسِمِ الطَّعَامَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الصِّفَةِ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْجَامِعُ حُصُولُ الْمُنَاجَزَةِ حُكْمًا لَا حِسًّا فَكَمَا اُغْتُفِرَ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَكَذَلِكَ يُغْتَفَرُ فِي الطَّعَامَيْنِ وَمَنَعَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَلِلْأَصْحَابِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَوْجُهٌ أَوَّلُهَا مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ شُيُوخِهِ أَنَّ الطَّعَامَيْنِ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَاعَ فَإِذَا بَاعَا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ بَائِعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ اهـ.

مَفْهُومٌ قَوْلُهُ حَيْثُ اتَّفَقَا أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الطَّعَامَانِ لَمْ تَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَأَمَّا الشَّرِكَةُ بِالطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الشَّرِكَةُ فِيهِمَا مَمْنُوعَةٌ فَفِيهَا وَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مَحْمُولَةً وَالْآخَرُ سَمْرَاءَ أَوْ أَخْرَجَ هَذَا قَمْحًا وَالْآخَرُ شَعِيرًا وَقِيمَةُ ذَلِكَ مُتَّفِقَةٌ وَبَاعَ هَذَا نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ عَلَى حَالٍ كَمَا لَا أُجِيزَ الشَّرِكَةَ بِدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ اتَّفَقَتْ قِيمَتُهَا أَوْ اخْتَلَفَ وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ لِسَحْنُونٍ بِشَرْطِ أَنْ تَتَّفِقَ الْقِيمَةُ اللَّخْمِيّ يُرِيدُ وَالْكَيْلُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ فِي الْمَسْأَلَةِ الطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ كَقَوْلِ سَحْنُونٍ اهـ.

وَفَاعِلُ جَازَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي لِلِاشْتِرَاكِ وَبِالطَّعَامِ يَتَعَلَّقُ بِجَازٍ وَأَلِفُ اتَّفَقَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِطْلَاقِ أَوْ لِلتَّثْنِيَةِ وَضَمِيرُ هُوَ لِلِاشْتِرَاكِ وَالْإِشَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ بِذَاكَ تَعُودُ إلَى الطَّعَامِ الْمُتَّفِقِ ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ جَائِزٌ بِالْعَرْضِ مِنْ جِهَةٍ يَعْنِي وَيُقَابِلُهُ مَنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى عَيْنٌ أَوْ طَعَامٌ وَيَجُوزُ أَيْضًا بِالْعَرْضِ مَنْ جِهَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ إذَا قُوِّمَ الْعَرْضُ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ فَقَوْلُهُ مِنْ جِهَةٍ صِفَةٌ لِلْعَرْضِ أَوْ جِهَتَيْنِ عَطْفٌ عَلَى جِهَةٍ (قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ) وَتَجُوزُ الْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا قُوِّمَ بِهِ عَرْضُهُ (التَّوْضِيحُ) تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِالْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا وَسَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ (قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِكَا بِعَرْضَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ طَعَامٍ وَعَرْضٍ عَلَى قِيمَةِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ اهـ.

ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الرَّابِعِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ يَجُوزُ بِالطَّعَامِ مِنْ جِهَةٍ وَبِالْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَتَصِحُّ بِالْعَرْضِ مِنْ جَانِبٍ وَالنَّقْدِ مِنْ جَانِبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (التَّوْضِيحُ) الْمَشْهُورُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ أَقِف عَلَى الشَّاذِّ وَلَعَلَّهُ مُنِعَ لِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَإِنَّمَا جَازَ فِي الْمَشْهُورِ هُنَا وَمُنِعَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَيْنِ وَالْعَرْضِ إلَّا مَانِعٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ وَهُوَ مُغْتَفَرٌ فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ مَعَ الدَّنَانِيرِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ عِلَّتَيْنِ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ وَالصَّرْفُ مِنْ غَيْرِ مُنَاجَزَةٍ اهـ.

وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ مَا نَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِالشَّرِكَةِ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِنْطَةً وَيُخْرِجَ صَاحِبُهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْحِنْطَةِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ سَوَاءً وَيَكُونُ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>