للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى مِلْكِ الْمُحَبِّسِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْبَاجِيُّ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ خِلَافَ قَوْلِ اللَّخْمِيّ الْحَبْسُ يُسْقِطُ الْمِلْكَ وَهُوَ غَلَطٌ اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ إنْ شِئْت

الْحَبْسُ فِي الْأُصُولِ جَائِزٌ وَفِي ... مُنَوَّعِ الْعَيْنِ بِقَصْدِ السَّلَفِ

وَلَا يَصِحُّ فِي الطَّعَامِ وَاخْتَلَفْ ... فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ مَنْ سَلَفْ

يَعْنِي أَنَّ تَحْبِيسَ الْأُصُولِ كَالدُّورِ وَالْجَنَّاتِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَلِكَ يَجُوزُ تَحْبِيسُ مُنَوَّعِ الْعَيْنِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ الْعَيْنِ الْمُنَوَّعِ إلَى ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِقَصْدِ السَّلَفِ بِحَيْثُ تُوضَعُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ بِإِشْهَادٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَهَا لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا مِمَّنْ هُوَ مَلِيُّ الذِّمَّةِ إمَّا بِرَهْنٍ أَوْ جَمِيلٍ وَهُوَ الْأَوْلَى أَوْ بِلَا شَيْءٍ حَسْبَمَا يُرَى ذَلِكَ مَنْ جُعِلَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَقَدْ ذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ بِقِيسَارِيَّةِ فَاسَ دَرَاهِمُ نَحْوُ أَلْفِ أُوقِيَّةٍ مُحَبَّسَةٍ بِقَصْدِ السَّلَفِ فَكَانَ مَنْ يَتَسَلَّفُهَا يَرُدُّ بَعْضَهَا نُحَاسًا وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَبْدِيلِهِ فَمَا زَالَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حَتَّى انْدَرَسَتْ.

ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَحْبِيسُ الطَّعَامِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهِ هِيَ إتْلَافُ عَيْنِهِ وَاسْتِهْلَاكُهُ وَأَنَّ مَنْ سَلَفَ وَتَقَدَّمَ مِنْ الْفُقَهَاءِ اخْتَلَفُوا فِي تَحْبِيسِ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ تَحْبِيسَهَا وَرَآهَا كَالْأُصُولِ وَالْعَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ وَرَآهَا كَالطَّعَامِ فَمَنْ سَلَفْ هُوَ فَاعِلُ اخْتَلَفْ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَاللَّامِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَلَفْظُ الْحَبْسِ أَوَّلَ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ بِسُكُونِ الْبَاءِ لِلْوَزْنِ أَمَّا وَقْفُ الْأُصُولِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَصِحُّ فِي الْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ مِنْ الْأَرَاضِي وَالدِّيَارِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْحَوَائِطِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَصَانِعِ وَالْآبَارِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَقَابِرِ وَالطُّرُقِ شَائِعًا أَوْ غَيْرَهُ اهـ وَالْمَصَانِعُ جَمْعُ مَصْنَعٍ وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ وَمِنْهُ {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: ١٢٩] (التَّوْضِيحُ) قَوْلُهُ شَائِعًا كَمَا لَوْ وُقِفَ نِصْفُ دَارٍ أَوْ غَيْرُ شَائِعٍ وَلَا يُرِيدُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَقْفُ الْمَشَاعِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَعْنِي فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ هَلْ يَنْفُذُ تَحْبِيسُهُ أَوَّلَا وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ اللَّخْمِيّ آخِرَ الشُّفْعَةِ فَقَالَ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَقْدِرُ حِينَئِذٍ عَلَى بَيْعِ جَمِيعِهَا وَإِنْ فَسَدَ شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُصْلِحُ مَعَهُ وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْأَوَّلَ اللَّخْمِيّ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مِمَّا يُقْسَمُ جَازَ الْحَبْسُ إذْ لَا ضَرَر عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَمَا أَصَابَ الْمُتَصَدِّقَ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى التَّحْبِيسِ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ بِيعَ فَمَا أَصَابَ الْمُتَصَدِّقَ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ حِصَّتِهِ اشْتَرَى بِهِ مَا يَكُونُ صَدَقَةً مُحَبَّسَةً فِي مِثْلِ مَا سَبَلهَا فِيهِ الْمُتَصَدِّقُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ. اهـ.

وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ إنْ كَانَ عُلْوٌ وَسُفْلٌ لِرَجُلَيْنِ فَلِرَبِّ الْعُلْوِ رَدُّ تَحْبِيسِ ذِي السُّفْلِ أَسْفَلَهُ لِأَنَّهُ إنْ فَسَدَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَصْلُحُهُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَقَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ بِيعَ يُرِيدُ إذَا دَعَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ إلَى بَيْعٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ قَاسِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْعُقْبَانِيُّ فِي جَوَابٍ لَهُ عَنْ مِثْلِ النَّازِلَةِ وَلَفْظُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْقِسْمَةَ بَطَلَ التَّحْبِيسُ بِبَيْعِ الْمُشْتَرَكِ إنْ دَعَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ إلَى الْبَيْعِ ثُمَّ بَعْدَ بُطْلَانِ التَّحْبِيسِ يَكُونُ الثَّمَنُ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ بَيْعَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ إذَا دَعَا إلَيْهِ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَأَنَّ الثَّمَنَ الْمَقْبُوضَ فِي الشِّقْصِ الْمُحَبَّسِ يَكُونُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي آخِرِ جَوَابٍ لِلْإِمَامِ أَبِي عِمْرَانَ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعْطِي الْعَبْدُوسِيِّ مَا نَصُّهُ وَمَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ بِيعَ وَنُدِبَ لِأَهْلِ الْحَبْسِ أَنْ يُعَوِّضُوا الْحَبْسَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُجْبَرُونَ وَيُفْسَخُ الْحَبْسُ وَيُجْبَرُونَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ اهـ.

نَقَلَهُ صَاحِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>