للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِعْيَارِ بَعْدَ نَحْوِ كَرَاسَّيْنِ مِنْ نَوَازِلِ الْأَحْبَاسِ وَإِلَى الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ بِذَلِكَ وَعَدَمِهِ أَشَارَ فِي التَّوْضِيحِ بِقَوْلِهِ آخِرَ الْكَلَامِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ بِيعَ أَيْ يُبَاعُ جَمِيعُ الْأَصْلِ لَا الْحِصَّةُ الْمُحْبَسَةُ فَقَطْ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمُتَقَدِّمِ بِوَرَقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فَمَا أَصَابَ الْمُتَصَدِّقَ مِنْ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَأْتِي صَرِيحًا بَعْدَ أَبْيَاتٍ فِي قَوْلِهِ وَفِي

جُزْءٍ مُشَاعٍ حُكْمُ تَحْبِيسٍ قُفِيّ

وَهُنَاكَ كَانَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا أَنْسَبَ وَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الشَّرِيكُ بِشَرِكَةِ الْحَبْسِ أَمَّا إنْ رَضِيَ وَحَازَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا وَقْفُ الْعَيْنِ بِقَصْدِ السَّلَفِ فَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّهُ يَجُوزُ وَقْفُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِتُسَلَّفَ وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِ الطَّعَامِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الطَّعَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ نَحْوَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْوَقْفُ مَعَ بَقَاءِ الذَّوَاتِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا ثُمَّ قَالَ فِي وَقْفِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِلسَّلَفِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ كَذَلِكَ أَيْ يَجُوزُ وَقْفُهُ لِلسَّلَفِ (قَالَ الشَّارِحُ) الطَّعَامُ فِي مَعْنَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَوْقُوفَةِ لِلسَّلَفِ إذَا وُقِفَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ مِثْلُهُمَا وَالْمَنْفَعَةُ فِي كِلَيْهِمَا فِي اسْتِهْلَاكِهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُوقَفَ الطَّعَامُ لِلسَّلَفِ كَالْعَيْنِ تَخْرِيجًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ.

وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي وَقْفِ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ رِوَايَتَانِ التَّوْضِيحُ أَيْ فِي جَوَازِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ وَمَنْعِهِ فَحَذَفَ مُضَافَيْنِ وَالصَّحِيحُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْجَوَازُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ خَالِدًا أَحَبَسَ أَدْرُعَهُ وَأَعْبُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَسْفَلَ وَفِي رِوَايَةِ أَعْتُدَهُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ ابْنُ حَجَرٍ جَمْعُ عَتِيدٍ وَهُوَ الْفَرَسُ الصُّلْبُ الْمُعَدُّ لِلرُّكُوبِ وَقِيلَ السَّرِيعُ الْوَثْبِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلِمَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ كَانَ شِبَعُهُ وَرَيُّهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَفِي الْبَيَانِ ثَالِثٌ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ اهـ.

فَمُقَابِلُ الْجَوَازِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ يَحْتَمِلُ الْمَنْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ أَوَّلَ كَلَامِهِ وَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي الْبَيَانِ.

(تَنْبِيهٌ) لَا يُحْكَمُ بِالْحَبْسِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ التَّحْبِيسِ وَثُبُوتِ مِلْكِ الْمُحَبِّسِ لِمَا حَبَسَهُ يَوْمَ التَّحْبِيسِ وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْأَمْلَاكُ الْمُحَبَّسَةُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ وَبَعْدَ الْأَعْذَارِ إلَى الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ لَمْ تُسْمَعْ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ لَا تَسْقُطُ الْحِيَازَةُ وَلَوْ طَالَتْ الدَّعْوَى فِي الْحَبْسِ بِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي جَمَاعَةٍ حَائِزِينَ لِأَمْلَاكٍ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِأَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً فَادَّعَى شَخْصٌ وَقْفَهَا وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ عَالِمٌ بِالتَّصَرُّفِ فَقَالَ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْبِيسُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيَثْبُتُ عَقْدُ التَّحْبِيسِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خُطُوطِ شُهَدَائِهِ (وَفِي التَّوْضِيحِ) فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ مَا نَصُّهُ قَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ مَا نَصُّهُ لَوْ شَهِدُوا عَلَى أَصْلِ الْحَبْسِ لَمْ يَكُنْ حَبْسًا حَتَّى يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ لِلْمُحَبِّسِ يَوْمَ حَبَّسَ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى السَّمَاعِ وَلَا يُسَمُّونَ الْمُحَبَّسَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ مِلْكٍ قَالَ وَلَا تُفِيدُ أَيْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي الْحَبْسِ إلَّا مَعَ الْقَطْعِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ يُحْتَرَمُ بِحُرْمَةِ الْأَحْبَاسِ اهـ.

وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ هَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْحَبْسِ إنْ كَانَتْ عَلَى الْقَطْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ لِلْمُحَبِّسِ لِمَا حُبِسَ يَوْمَ حُبِسَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى السَّمَاعِ فَلَا يُحْتَاجُ لِذَلِكَ بَلْ يَكْفِي الْقَطْعُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّهُ يُحْتَرَمُ بِحُرْمَةِ الْأَحْبَاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي نَوَازِلِ الْهِبَاتِ مِنْ الْمِعْيَارِ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَالَ شَاهَدْت عَقْدَ حَبْسٍ كَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّاطِبِيُّ كَتَبَهُ وَفِيهِ يُعَرِّفُونَ الدَّارَ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا حَبْسًا مِنْ تَحْبِيسِ فُلَانٍ وَأَنَّهَا تُحْتَرَمُ بِاحْتِرَامِ الْأَحْبَاسِ وَتُحَازُ بِمَا تُحَازُ بِهِ الْأَحْبَاسُ فَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ ذَكْوَانَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ حُكْمٌ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْمُحْبِسِ وَمَوْتِهِ وَوِرَاثَتِهِ وَالْأَعْذَارِ فِي ذَلِكَ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>