وَلِلْكِبَارِ وَالصِّغَارِ يُعْقَدُ ... وَلِلْجَنِينِ وَلِمَنْ سَيُوجَدُ
يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ التَّحْبِيسِ وَلَا بَالِغًا بَلْ يَجُوزُ التَّحْبِيسُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَعَلَى الْمَوْجُودِ مَوْلُودًا أَوْ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَعَلَى مَنْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ رَأْسًا كَمَنْ يُولَدُ لِزَيْدٍ وَزَيْدٌ صَبِيٌّ صَغِيرٌ (ابْنُ سَلْمُونٍ) وَيَجُوزُ عَلَى الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَعَلَى الْجَنِينِ وَمَنْ يُولَدُ (وَقَالَ الْمُتَيْطِيّ) وَيَجُوزُ الْحَبْسُ عَلَى الْحَمْلِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ إجَازَتِهِ الْحَبْسَ عَلَى الْأَعْقَابِ الَّذِينَ لَمْ يُولَدُوا وَلَا كَانُوا فِي حِينِ التَّحْبِيسِ وَأَعْقَابِ الْأَعْقَابِ الَّذِينَ يَأْتُونَ وَهْم فِي حِينِ التَّحْبِيسِ غَيْرَ مَخْلُوقِينَ لَا بِحَمْلٍ وَلَا بِغَيْرِهِ فَكَيْفَ بِمَا فِي الْبَطْنِ وَقَدْ خُلِقَ قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى الْحَمْلِ لَا يَجُوزُ وَذَلِكَ جَائِزٌ لِجَوَازِهِ عَلَى الْأَعْقَابِ (قَالَ الشَّارِحُ) وَفِي مَعْنَى الْحَبْسِ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ مِنْ حَيْثُ جَوَازُهُمَا لِلْحَمْلِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمُتَيْطِيّ وَغَيْرُهُ وَنَائِبٌ يُعْقَدُ لِلْحَبْسِ
وَيَجِبُ النَّصُّ عَلَى الثِّمَارِ ... وَالزَّرْعِ حَيْثُ الْحَبْسُ لِلصِّغَارِ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَّسَ حَائِطًا وَفِيهِ وَقْتَ التَّحْبِيسِ ثِمَارٌ أَوْ أَرْضًا وَفِيهَا إذْ ذَاكَ زَرْعٌ وَكَانَ التَّحْبِيسُ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ أَوْلَادِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ هُوَ الْحَائِزُ لَهُمْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَثِّقَ مِنْ جِهَةِ النُّصْحِ وَرَفْعِ الشَّغَبِ أَنْ يَنُصَّ فِي الْوَثِيقَةِ عَلَى شُمُولِ التَّحْبِيسِ لِلثِّمَارِ وَالزَّرْعِ لِتَتَمَحَّضَ الْحِيَازَةُ لِلصِّغَارِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ قَبْلَ جَذِّ الثَّمَرَةِ وَحَصَادِ الزَّرْعِ (قَالَ الْمُتَيْطِيّ) وَقَوْلُنَا فِي النَّصِّ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ فِي الْمِلْكِ زَرْعٌ وَفِي الْأُصُولِ ثَمَرَةٌ وَأَتْبَعَ الْمُحَبِّسُ فُلَانٌ بَنِيهِ الْمَذْكُورِينَ نَصِيبَهُ فِي جَمِيعِ زَرْعِ هَذِهِ الْأَمْلَاكِ وَثَمَرَتِهَا إلَى تَمَامِ هَذَا الْفَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ فَإِنْ أَبْقَى الْمُحَبِّسُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُحَبِّسْهُ مَعَ الْأَصْلِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ الزَّرْعُ أَوْ تُجَذَّ الثَّمَرَةُ وَالْحَبْسُ عَلَى الصِّغَارِ بَطَلَ الْحَبْسُ وَرَجَعَ مِيرَاثًا إذَا كَانَ الزَّرْعُ وَالثَّمَرَةُ فِي أَكْثَرِ الْحُبَاسَةِ لِأَنَّهُ شَغَلَ الْحُبَاسَةَ بِزَرْعِهِ وَثَمَرَتِهِ فَلَمْ تَتِمَّ الْحِيَازَةُ فِيهَا فَإِذَا ذَكَرْت أَنَّهُ حَبَّسَ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَةَ مَعَ الْأُصُولِ أَوْ أَتْبَعَتْهَا بِهِ صَحَّتْ الْحِيَازَةُ اهـ.
وَمَنْ يُحَبِّسُ دَارَ سُكْنَاهُ فَلَا ... يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُعَايِنَ الْخَلَا
وَنَافِذٌ تَحْبِيسُ مَا قَدْ سَكَّنَهْ ... بِمَا كَالِاكْتِرَاءِ مِنْ بَعْدِ السَّنَهْ
إنْ كَانَ مَا حُبِسَ لِلْكِبَارِ ... وَمِثْلُ ذَاكَ فِي الْهِبَاتِ جَارِ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَّسَ دَارَ سُكْنَاهُ عَلَى بَنِيهِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ خَلَاءَهَا مِنْهُ وَمِنْ أَثَاثِهِ وَأَسْبَابِهِ سَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا قَبْلَ كَمَالِ السَّنَةِ وَاسْتَمَرَّ فِيهَا إلَى أَنْ مَاتَ بَطَلَ التَّحْبِيسُ وَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ كَانَ التَّحْبِيسُ عَلَى الْكِبَارِ نَفَذَ التَّحْبِيسُ وَصَحَّ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى الصِّغَارِ بَطَلَ أَيْضًا وَهَذَا التَّفْصِيلُ بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هَذَا فِي تَحْبِيسِ دَار سُكْنَى الْمُحَبَّسِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ الْمُتَيْطِيّ فَإِنْ كَانَ التَّحْبِيسُ فِي دَارٍ لَا يَسْكُنُهَا الْأَبُ عُقِدَ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَكَانَتْ حِيَازَتُهُ عَلَى بَنِيهِ بِالْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ نَافِذَةً جَائِزَةً وَكَذَلِكَ فِي الْأَمْلَاكِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي سُكْنَاهُ لَمْ تَكُنْ الْحِيَازَةُ فِيهَا إلَّا بِأَنْ يُخَلِّيَهَا وَيَنْتَقِلَ عَنْهَا وَيُعَايِنَهَا الشُّهُودُ خَالِيَةً وَيَحُوزُوهَا (فِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَيْضًا) وَلَا يَسْكُنُ الدُّورَ الْمُحَبَّسَةَ حَتَّى يُخْلِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ عَامًا أَوْ أَكْثَرَ وَقِيلَ عَامَيْنِ وَيُكْرِيهَا فِي الْعَامِ وَالْعَامَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ بِاسْمِ بَنِيهِ وَيَعْقِدُهَا فِي ذَلِكَ عَقْدًا فَإِنْ عَادَ إلَى سُكْنَاهَا قَبْلَ مُرُورِ الْعَامِ أَوْ شَغَلَهَا بِمَتَاعِهِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهَا وَتُصَحَّحَ حِيَازَتُهَا بَطَلَتْ الْحُبَاسَةُ فِيهَا وَرَجَعَتْ مِيرَاثًا وَإِنْ عَادَ إلَى سُكْنَاهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ مُرُورِ الْعَامِ نَفَذَ الْحَبْسُ وَإِنْ مَاتَ فِيهَا لَمْ يُوهَنْ ذَلِكَ الْمُحَبِّسَ إذَا كَانَ رُجُوعُهُ إلَيْهَا بِالْكِرَاءِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَنَحْوُهُ فِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ وَسَوَّى فِي هَذَا الْقَوْلِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِي رُجُوعِهِ إلَيْهَا بَعْدَ الْعَامِ أَوْ الْعَامَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ وَأَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute