للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ ذِي التَّعَيُّنِ أَوْ الْمُتَعَيَّنِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُعَيَّنِ تَعْلِيلٌ لِيَكُونَ الْجَبْرُ حَقًّا لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَإِذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ فِي غَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنِينَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ كَالْمَرْضَى وَنَحْوِهِمْ فَفِيهَا قَوْلَانِ فِي حُبْسِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْهِبَةِ مِنْهَا اهـ.

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ فَنَقَلَ الشَّارِحُ مَا نَصُّهُ وَسُئِلَ ابْنُ الْحَاجِّ أَيْضًا فِي رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَلَى ابْنِهِ ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْمَرْضَى وَمَاتَ الِابْنُ فَطَلَبَهُ الْمَرْضَى فَقَالَ إنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ مِنْ مُعَيَّنٍ اهـ وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِّ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ مِنْ مُعَيَّنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَلِلْأَبِ التَّقْدِيمُ لِلْكَبِيرِ ... لِقَبْضِ مَا يَخْتَصُّ بِالصَّغِيرِ

يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدَيْهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَإِنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَبِيرَ لِقَبْضِ نَصِيبِ الصَّغِيرِ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى ذَلِكَ أَجْنَبِيًّا كَمَا فِي الْحَبْسِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي الْحَبْسِ

وَالْأَخُ لِلصَّغِيرِ قَبْضُهُ

وَجَبْ

مَعَ اشْتِرَاكٍ وَبِتَقْدِيمٍ مِنْ أَبْ

الْأَبْيَاتَ الْأَرْبَعَ (قَالَ فِي الْمُفِيدِ) وَإِنْ تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ عَلَى ابْنَيْنِ لَهُ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ فَإِنَّ الْكَبِيرَ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ وَلِأَخِيهِ بِتَوْكِيلِ الْأَبِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَتَصِحُّ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الِابْنُ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ لَا تَجُوزُ جَمِيعُ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَتَبْطُلُ وَكَذَلِكَ الْحَبْسُ أَيْضًا ذَلِكَ كُلُّهُ إلَى وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى وَوَافَقَهُ جَمِيعُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحُبُس لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يَنْقَسِمُ وَخَالَفُوهُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَأَجَازَ لِلصَّغِيرِ نَصِيبَهُ لِأَنَّ الْأَبَ يَجُوزُ لَهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْقَضَاءُ اهـ

وَحَوْزُ حَاضِرٍ لِغَائِبٍ إذَا ... كَانَا شَرِيكَيْنِ بِهَا قَدْ أُنْفِذَا

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ فَحَازَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ لِنَفْسِهِ وَلِلْغَائِبِ فَذَلِكَ حَوْزٌ لَهُمَا فِيهَا وَكَافٍ لِلْغَائِبِ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ:) قُلْت: فَإِنْ وُهِبَتْ أَرْضٌ لِرَجُلَيْنِ أَجْنَبِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ، وَالْآخَرُ غَائِبٌ فَقَبَضَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ الْأَرْضِ أَيَكُونُ قَبْضُهُ قَبْضًا لِلْغَائِبِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْهِبَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ. وَبَاءُ (بِهَا) ظَرْفِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِشَرِيكَيْنِ وَالضَّمِيرُ لِلْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْبَدَلِ، وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيِّنْ هَلْ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ؛ لِيَكُونَ الْحُكْمُ شَامِلًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ لَهُمَا مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَا عَلَى الْبَتِّ لِشَخْصٍ عُيِّنَا ... فَهُوَ لَهُ وَمَنْ تَعَدَّى ضُمِّنَا

وَغَيْرُ مَا يُبَتُّ إذْ يُعَيَّنُ ... رُجُوعُهُ لِلْمِلْكِ لَيْسَ يَحْسُنُ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا وَنَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ لِمِسْكِينٍ مُعَيَّنٍ سَمَّاهُ بِلِسَانِهِ أَوْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ، فَإِنْ بَتَّهُ لَهُ أَوْ أَمْضَاهُ لَهُ بِقَوْلِهِ: أَوْ نِيَّةٍ جَازِمًا بِذَلِكَ غَيْرَ مُتَرَوٍّ فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ لِغَيْرِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَيَغْرَمُهُ لِذَلِكَ الْمِسْكِينِ الْمُعَيَّنِ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ سَمَّى الْمِسْكِينَ وَنَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَبُتَّ لَهُ وَلَا نِيَّةَ، فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَالِهِ، وَلَا يُعْطِيهِ لِمَنْ عَيَّنَهُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي (قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) فِي نَوَازِلِهِ: إنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَخْرَجَ مَالًا لِلصَّدَقَةِ فَعَزَلَ عَنْهُ شَيْئًا أَسْمَاهُ بِلِسَانِهِ لِمِسْكِينٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَدَا لَهُ فَصَرَفَهُ لِمِسْكِينٍ آخَرَ هَلْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي عَزَلَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَخْرَجَهُ لِلصَّدَقَةِ شَيْئًا مِنْهُ لِمِسْكِينٍ بِعَيْنِهِ سَمَّاهُ لَهُ وَنَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ وَلَمْ يُبَتَّ لَهُ بِقَوْلٍ وَلَا نِيَّةٍ، فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بَتَّ لَهُ بِقَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ إنْ فَعَلَ وَكَذَلِكَ مَا جُعِلَ إلَيْهِ تَنْفِيذُهُ مِمَّا أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ لِلصَّدَقَةِ سَوَاءٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي يَأْمُرُ لِلسَّائِلِ بِشَيْءٍ أَوْ يَخْرُجُ إلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَجِدُهُ، يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَالِهِ، وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، إنْ كَانَ إنَّمَا نَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ، وَلَمْ يُبَتَّ لَهُ بِقَوْلٍ وَلَا نِيَّةٍ اهـ.

وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَوَّلًا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: ثَانِيًا: يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَالِهِ كَرَاهَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>