يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى مَنْ فِي حِجْرِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ لَهُ، وَلَيْسَ فِي حَوْزِهِ لَهُ مَا يُتَّقَى، وَيُحْذَرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَبِيرًا مُوَلًّى عَلَيْهِ أَوْ صَغِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ مَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصِّغَارِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيَجُوزُ أَنْ يَحُوزَ ذَلِكَ لَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ: مَالِكٌ فَإِذَا بَلَغُوا وَآنَسَ مِنْهُمْ الرُّشْدَ فَلَمْ يَقْبِضُوا حَتَّى مَاتَ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَإِنْ مَاتَ وَهُمْ فِي حَالَةِ السَّفَهِ، فَحَوْزُ أَبِيهِمْ لَهُمْ حَوْزٌ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ بَلَغُوا وَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنَتِهِ الْبِكْرِ فَهُوَ الْحَائِزُ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ وَهِيَ مَرْضِيَّةُ الْحَالِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا مَا دَامَتْ بِحَالِ السَّفَهِ، وَلَا يَقْطَعُ الزَّوَاجَ حِيَازَةُ الْأَبِ فَإِذَا صَارَتْ فِي حَالٍ تَحُوزُ لِنَفْسِهَا فَلَا تَجُوزُ حِيَازَةُ الْأَبِ عَلَيْهَا اهـ.
وَكَلَامُ النَّاظِمِ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ، أَعْنِي صُورَةَ حَوْزِ الْأَبِ لِابْنَتِهِ مَا لَمْ تَرْشُدْ
وَلِلْمُعَيَّنِينَ بِالْحَوْزِ تَصِحّْ ... وَجَبْرُهُ مَهْمَا أَبَاهُ مُتَّضِحْ
وَفِي سِوَى الْمُعَيَّنِينَ يُؤْمَرُ ... بِالْحَوْزِ وَالْخُلْفُ أَتَى هَلْ يُجْبَرُ
وَالْجَبْرُ مَحْتُومٌ بِذِي تَعَيُّنِ ... لِصِنْفِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْمُعَيَّنِ
نَوَّعَ النَّاظِمُ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ جَبْرِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَى الْحَوْزِ وَعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو، فَيُجْبَرُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَى الْحَوْزِ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْحَوْزِ، وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَكِنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ نَظَرًا لِلْمَنْقُولِ عَنْهُ. فَقَوْلُهُ: وَلِلْمُعَيَّنِينَ الْبَيْتَ يَعْنِي أَنَّ الصَّدَقَةَ تَصِحُّ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِشَرْطِهَا الَّذِي هُوَ الْحَوْزُ، فَلَامُ لِلْمُعَيَّنِينَ بِمَعْنَى عَلَى وَجَبْرُ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعَ مُتَّضِحٌ جَلِيٌّ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ بِالْقَوْلِ.
وَقَوْلُهُ: " وَفِي سِوَى الْمُعَيَّنِينَ: الْبَيْتَ يَعْنِي أَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَإِنَّ الْمُتَصَدِّقَ يُؤْمَرُ بِالْحَوْزِ وَفِي جَبْرِهِ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ؛ " وَالْجَبْرُ مَحْتُومٌ " الْبَيْتَ بَاءُ (بِذِي) : ظَرْفِيَّةٌ، وَذِي التَّعَيُّنِ: صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ مُتَصَدَّقٌ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ وَلِصِنْفِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْتُومٍ وَضَمِيرُ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ يَعْنِي أَنَّ جَبْرَ الْمُتَصَدِّقِ عَلَى الْحَوْزِ مُتَحَتِّمٌ لِصِنْفِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ، أَيْ أَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ لِانْتِقَالِ الصَّدَقَةِ لَهُمْ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute