للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا ثَبَتَ مِلْكِيَّةُ الْقَائِمِ وَأَقَرَّ لَهُ بِهَا الْحَائِزُ الْمَذْكُورُ، وَادَّعَى أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ، فَإِنَّهُ إنْ أَثْبَتَ الْحَائِزُ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ صَحَّتْ لَهُ الدَّارُ، وَإِلَّا حَلَفَ الْقَائِمُ أَنَّهُ مَا وَهَبَ، وَلَا تَصَدَّقَ وَأَخَذَ الدَّارَ، فَقَوْلُهُ: أَوْ يَدَّعِي هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَثْبَتَ، وَفَاعِلُ يَدَّعِي الْحَائِزُ، وَضَمِيرُ (حُصُولُ) لِلشَّيْءِ الْمَحُوزِ، وَتَبَرُّعًا مَنْصُوبٌ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ، وَمِنْ (قَائِمٍ) يَتَعَلَّقُ بِتَبَرُّعًا وَفَاعِلُ فَلْيُثْبِتَنَّ ضَمِيرُ الْحَائِزِ، وَمَا مِنْ قَوْلِهِ مَا ادَّعَى وَاقِعَةٌ عَلَى التَّبَرُّعِ، وَقَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْقَائِمُ، أَيْ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْحَائِزُ التَّبَرُّعَ الَّذِي ادَّعَى حَلَفَ الْقَائِمُ أَنَّهُ مَا تَبَرَّعَ، وَأَخَذَ الدَّارَ.

(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) وَإِنْ قَالَ إنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ كُلِّفَ إثْبَاتَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الِاعْتِمَارِ، وَعَلَى الْقَائِمِ الْيَمِينُ اهـ.

يَعْنِي إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ الْهِبَةِ، وَهَذِهِ الْيَمِينُ هِيَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ: فِي بَابِ الْيَمِينِ:

إلَّا بِمَا عُدَّ مِنْ التَّبَرُّعِ ... مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ عِنْدَ الْمُدَّعِي

فَالدَّارُ بِيَدِ الْمُدَّعِي ثُمَّ أَشَارَ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ:

فَيَحْلِفُ الْقَائِمُ وَالْيَمِينُ لَهْ ... إنْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ مُعْمَلَهْ

وَيُثْبِتُ الدَّفْعَ وَإِلَّا الطَّالِبُ ... لَهُ الْيَمِينُ وَالتَّقَضِّي لَازِبُ

يَعْنِي، أَنَّ الْحَائِزَ إذَا ادَّعَى شِرَاءَ الدَّارِ مِنْ الْقَائِمِ الَّذِي ثَبَتَتْ مِلْكِيَّتُهُ وَأَقَرَّ لَهُ بِهَا الْحَائِزُ الْمَذْكُورُ، وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَتَكُونُ الدَّارُ لِلْحَائِزِ الْمَذْكُورِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ إثْبَاتُ دَفْعِ الثَّمَنِ، فَإِنْ أَثْبَتَهُ، فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا حَلَفَ أَنَّهُ مَا قَبَضَهُ، وَحُكِمَ عَلَى الْحَائِزِ بِدَفْعِهِ، فَقَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ لَهُ، هُوَ ابْتِدَاءُ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَضَمِيرُ لَهُ، وَفَاعِلُ ادَّعَى كِلَاهُمَا يَعُودُ عَلَى الْحَائِزِ، وَلَامُ لَهُ بِمَعْنَى عَلَى، وَضَمِيرُ مِنْهُ لِلْقَائِمِ، وَمُعْمَلَهْ: خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ الْيَمِينِ مَعْمُولُ بِهَا، وَإِذَا حَلَفَ، وَاسْتَحَقَّ الدَّارَ، يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الثَّمَنِ، أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَيُثْبِتُ الدَّفْعَ الْبَيْتَ فَفَاعِلُ يُثْبِتُ لِلْحَائِزِ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ، فَعَلَى الطَّالِبِ الْيَمِينُ، أَنَّهُ مَا قَبَضَهُ، فَلَامُ لَهُ بِمَعْنَى عَلَى، وَالضَّمِيرُ لِلطَّالِبِ، فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا قَبَضَهُ حُكِمَ عَلَى الْحَائِزِ بِدَفْعِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَالتَّقَضِّي لَازِبُ، أَيْ لَازِمٌ بِالْمِيمِ.

(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ الَّذِي يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَتْ لَهُ، وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ الْمُشَاوِرُ: وَيَكُونُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ، وَإِلَّا فَيَحْلِفُ الْقَائِمُ أَنَّهُ مَا دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا عَنْهُ، وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، إنْ كَانَ مَا يَدَّعِيه مِنْ الثَّمَنِ يُشْبِهُ ثَمَنَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَزِمَهُ الْقِيمَةُ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ، إلَّا إلَى الْأَمَدِ الَّذِي لَا يَبْتَاعُ النَّاسُ إلَى مِثْلِهِ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ شُيُوخِنَا فِي ذَلِكَ اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَلَوْ زَادَ النَّاظِمُ بَيْتًا بَعْدَ قَوْلِهِ: وَالتَّقَضِّي لَازِبُ، كَأَنْ يَقُولَ

إلَّا إذَا طَالَ الزَّمَانُ أَكْثَرَا ... مِنْ الَّذِي لَهُ التَّبَايُعُ يُرَى

لَأَفَادَ هَذَا الْقَيْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ مَعًا، الْحَائِزُ لَقَدْ اشْتَرَى، وَالْقَائِمُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ الثَّمَنَ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ بِقَوْلِهِ:

وَإِنْ يَكُنْ مُدَّعِيًا إقَالَهْ ... فَمَعْ يَمِينِهِ لَهُ الْمَقَالَهْ

يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْقَائِمُ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ الْحَائِزِ لَهَا، وَأَثْبَتَ الْقَائِمُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، فَادَّعَى الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْحَائِزُ لَهَا الْإِقَالَةَ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ، فَاسْمُ يَكُنْ يَعُودُ عَلَى الْحَائِزِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَثْبُتُ الدَّفْعُ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَمَعْ، بِسُكُونِ الْعَيْنِ دَاخِلَةٌ فِي التَّقْدِيرِ، عَلَى لَهُ الْمَقَالَهْ، أَيْ فَلَهُ الْمَقَالَةُ أَيْ الْقَوْلُ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ: الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ، أَقَلْتُك فِيهَا بَعْدَ أَنْ بِعْتُهَا مِنْك، لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، مَعَ يَمِينِهِ، وَتَبْقَى الْأَمْلَاكُ بِيَدِهِ ا. هـ.

وَهَذِهِ الْيَمِينُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ: أَيْضًا فِي بَابِ الْيَمِينِ:

وَفِي الْإِقَالَةِ ابْنُ عَتَّابٍ يَرَى ... وُجُوبَهَا لِشُبْهَةٍ مُعْتَبَرًا

قَوْلَهُ: وَالتِّسْعُ كَالْعَشْرِ لَدَى ابْنِ الْقَاسِمِ ... أَوْ الثَّمَانِ فِي انْقِطَاعِ الْقَائِمِ

أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْمُقَرِّبِ قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ: يَحْيَى قُلْت: لِابْنِ الْقَاسِمِ كَمْ تَرَى طُولَ حَوْزِ الْأَجْنَبِيِّ مَالَ الرَّجُلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِهِ وَلَا يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ، عَمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تُبْنَ وَلَمْ يَغْرِسْ غَيْرَ أَنَّهُ سَكَنَ الدَّارَ وَازْدَرَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>