وَكَذَا مَعَ خَصِيمِهِ، وَجُمْلَةُ " انْتَفَعْ " خَبَرُ الْمُدَّعِي ابْنُ عَتَّابٍ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ: فِيمَنْ أَثْبَتَ بَيِّنَةً فِي أَرْضٍ أَنَّهَا لَهُ، وَأَثْبَتَ الَّذِي بِيَدِهِ أَنَّهُ يَحُوزُهَا عَشْرَ سِنِينَ بِمَحْضَرِ الطَّالِبِ، فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً، أَنَّهُ خَاصَمَهُ فِيهَا، وَطَلَبَهَا مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُخَاصِمُ وَيُطَالِبُ لَيْسَ أَنْ يُخَاصِمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَيَتْرُكَ، نَفَعَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ. الْمُشَاوِرُ إذَا لَمْ يَزَلْ مُتَرَدِّدًا عَلَيْهِ بِالْقِيَامِ فِي الْأَشْهُرِ وَالْأَعْوَامِ، فَلَهُ الْقِيَامُ بِحُجَّتِهِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ
وَقَائِمٌ ذُو غَيْبَةٍ بَعِيدَهْ ... حُجَّتُهُ بَاقِيَةٌ مُفِيدَهْ
وَالْبُعْدُ كَالسَّبْعِ وَكَالثَّمَانِ ... وَفِي الَّتِي تَوَسَّطَتْ قَوْلَانِ
وَكَالْحُضُورِ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ ... بِنِسْبَةِ الرِّجَالِ لَا النِّسْوَانِ
تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ كَوْنِ الدَّعْوَى غَيْرَ مُشْبِهَةٍ، أَنْ يَكُونَ الْقَائِمُ حَاضِرًا، فَتَكَلَّم هُنَا عَلَى مَا إذَا اخْتَلَّ هَذَا الشَّرْطُ، وَكَانَ وَقْتُ الْحَوْزِ عَلَيْهِ غَائِبًا، وَأَخْبَرَ أَنَّ غَيْبَتَهُ إنْ كَانَتْ بَعِيدَةً، فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ، فَلَهُ الْقِيَامُ وَلَا أَثَرَ لِلْحَوْزِ، ثُمَّ فَسَّرَ الْبُعْدَ بِكَوْنِهِ عَلَى سَبْعَةِ مَرَاحِلَ أَوْ ثَمَانِيَةٍ، وَالْمَرْحَلَةُ مَسِيرَةُ الْيَوْمِ وَظَاهِرُهُ وَبَلَغَهُ ذَلِكَ فِي مَغِيبِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ، لَهُ الْقِيَامُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً وَهِيَ الَّتِي عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَيُفَصَّلُ: فَإِنْ كَانَ الْمَحُوزُ عَنْهُ رَجُلًا، فَهُوَ كَالْحَاضِرِ لَا قِيَامَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً، فَهِيَ عَلَى حُجَّتِهَا، وَلَهَا الْقِيَامُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ كَالْحُضُورِ مَعَ الْأَمْنِ، وَأَمَّا مَعَ الْخَوْفِ فَكَالْعَبِيدِ، وَتَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، فَقَوْلَانِ، قِيلَ: هِيَ كَالْبَعِيدَةِ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ، وَلَهُ الْقِيَامُ، وَقِيلَ: كَالْقَرِيبَةِ، فَلَا قِيَامَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا، وَذَلِكَ كَأَرْبَعَةِ مَرَاحِلَ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ، وَتَأَمَّلْتُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ هُنَا، فَلَمْ يَتَحَصَّلْ لِي مِنْهُ الْآنَ مُوَافَقَةً لِكَلَامِ النَّاظِمِ فَلِذَلِكَ تَرَكْتُهُ
وَالْأَقْرَبُونَ حَوْزُهُمْ مُخْتَلِفُ ... بِحَسَبِ اعْتِمَارِهِمْ يَخْتَلِفُ
فَإِنْ يَكُنْ بِمِثْلِ سُكْنَى الدَّارِ ... وَالزَّرْعِ لِلْأَرْضِ وَالِاعْتِمَارِ
فَهُوَ بِمَا يَجُوزُ الْأَرْبَعِينَا ... وَذُو تَشَاجُرٍ كَالْأَبْعَدِينَا
وَمِثْلُهُ مَا حِيزَ بِالْعَتَاقِ ... مَا كَانَ أَوْ بِالْبَيْعِ بِاتِّفَاقِ
وَفِيهِ بِالْهَدْمِ وَبِالْبُنْيَانِ ... وَالْغَرْسِ أَوْ عَقْدِ الْكِرَا قَوْلَانِ
تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ كَوْنِ الدَّعْوَى غَيْرَ مُشْبِهَةٍ، كَوْنُ الْحَائِزِ أَجْنَبِيًّا، فَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى مَا إذَا اخْتَلَّ ذَلِكَ الشَّرْطُ، وَكَانَ الْحَائِزُ قَرِيبًا غَيْرَ أَجْنَبِيٍّ، وَقَسَّمَ الْقَرِيبَ بِاعْتِبَارِ كَيْفِيَّةِ حَوْزِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فَإِنْ كَانَ بِأَضْعَفِ أَوْجُهِ الْحِيَازَةِ كَسُكْنَى الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَاعْتِمَارِ الْحَانُوتِ، فَلَا تُقْبَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute